لم تودّع معظم العائلات الجزائرية بعد أجواء شهر رمضان وروحانيته، من خلال صيامها لست من شوال، فموائد الإفطار ماتزال تتزين بالشوربة، “البوراك” وأطباق أخرى من أجل استرجاع أجواء رمضان الفضيل. يسارع العديد من الجزائريين بمجرد انقضاء يومي عيد الفطر، صيام ستة أيام من شهر شوال، حتى باتت بعض العائلات تحث أبناءها الصغار على ذلك، لغرس مزيد من عرى التمسك بديننا الحنيف في أنفسهم. «المساء” استطلعت رأي بعض الصائمين لسُنّة شوال، حيث أكد لها وليد (17 سنة) أن صيام هذه الأيام أصبح عادة في عائلته، حتى بات يخجل إذا أفطر وكل أفراد عائلته صيام، كما لا يريد تفويت فرصة اللمة الأسرية حول مائدة الإفطار في جو روحاني، يسترجعون معها أجواء رمضان، لذلك تجده يصوم هذه الأيام عملا بما يقوم به أفراء أسرته. من جهتها، أبدت وسام شوقها للشهر الفضيل الذي غادرنا قبيل أيام، واعتبرت صيامها لسُنة شوال فرصة لاسترجاع بعض نفحات رمضان الفضيل، على غرار ربح الحسنات والمزيد من المغفرة والثواب. أما الحاجة حياة (60 سنة) فتقول؛ إنها تتبع رمضان بصيام ست من شوال عملا بالسنة النبوية، مؤكدة أنها تحضر أطباقا مختلفة كما في شهر رمضان، على غرار “الحريرة” و«البوراك”، مع إعداد مائدة الشاي للسهرة، تزينها حلويات العيد المتوفرة، كما أنها تستحضر مع السهرات الليلية أجواء اللمة العائلية البهيجة، فتوصي أبناءها بصيام هذه الأيام المباركة التي تكمل أجر صيام رمضان.
حكمة صيام ستة أيام من شوال في الموضوع، تحدثنا إلى إمام مسجد أبي بكر الصديق ببرج الكيفان، محمد يونس، فقال: إذا أتبع المسلم صيام رمضان بصيام ستة أيام من شوال، فقد كتب له أجر صيام ثلاثة مائة وستين يوما، لأن الحسنة بعشر أمثالها. ويستدل في ذلك بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من صام رمضان وستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة، ومن جاء بالحسنة فله عشر أمثالها”. ويواصل الإمام حديثه عن الصيام في شوال الجاري، رغم حرارة الجو ومشقة الصيام، أن هذه الطاعة دليل على شكر الصائم لربه تعالى على توفيقه في صيام رمضان وزيادة في الخير، كما أن صيامها دليل على حب الطاعات، ورغبة في مواصلة طريق الأعمال الصالحة، يقول: “ليس للطاعات موسم معين، وإنما يستمر موسم الطاعات مع العبد طوال حياته ولا ينقضي حتى يدخل العبد قبره، ولله الحكمة في صيام هذه الأيام مباشرة بعد رمضان الكريم، كما أن معاودة الصيام بعد رمضان علامة على قبول صوم هذا الشهر الفضيل، ذلك أن الله تعالى إذا تقبل عمل عبد وفقه لعمل صالح بعده، ونحن نعلم أن ثواب الحسنة حسنة بعدها، فمن عمل حسنة، ثم أتبعها بحسنة بعدها، كان ذلك علامة على قبول الحسنة الأولى، كما أن من عمل حسنة، ثم أتبعها بسيئة، كان ذلك علامة رد الحسنة وعدم قبولها”. ويواصل الإمام حديثه بقوله: إن صيام شوال كصلاة السنن الرواتب قبل الصلاة المفروضة وبعدها، فالعبد بصيامها كأنه يسّد بذلك ما يكون قد حصل في الفرض (صيام رمضان) من خلل ونقص، فالفرائض تكمّل بالنوافل يوم القيامة. وعن مسألة أولوية صيام ستة أيام من شوال بالنسبة للمرأة عن قضاء الدين، فيقول الإمام: إن الأصل فيه جائز، وأكد حديثه بما ورد عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت؛ إن رسول الله صل الله عليه وسلم كان يحث على صيام شوال، أما الدين فيقضى بعد ذلك. أما الأيام المستحبة، فلا وجود لأيام محددة ويجوز التفرقة أو التتابع في شهر شوال، ولا يشترط التتابع في الصيام، وللمسلم شهر كله يصوم فيه وقت ما شاء، لكن التتابع أفضل لما فيه من المبادرة إلى الخير وعدم الوقوع في التسويف الذي قد يؤدي إلى عدم الصيام، يقول الإمام.