أثارت قضية مقتل المئات من المدنيين في ريف دمشق، أمس، تنديدا عربيا ودوليا واسعا، تعالت معه الأصوات المطالبة بضرورة فتح تحقيق دولي عاجل ومعمق لمعرفة الجناة وتقديمهم للعدالة.وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، عن مقتل أكثر من 650 شخصا في حملة قصف جوي وصاروخي وصفه بغير المسبوق، استمر منذ فجر أمس على مناطق عديدة في ريف دمشق، مشيرا إلى أن ”عدد القتلى مرشح للارتفاع”. وقال رامي عبد الرحمن، مدير المرصد، إنه لا يملك أي معلومات مؤكدة عن استخدام أسلحة كيميائية في القصف كما قال ناشطون سوريون، فيما قدرت الهيئة العامة للثورة السورية ولجان التنسيق المحلية عدد القتلى نتيجة القصف بالمئات.وسارعت دمشق إلى نفي الاتهامات التي وجهت إلى قواتها باستخدام السلاح الكيماوي وأكدت أنه لا أساس لها من الصحة بل واعتبرت بأنها ”محاولة لعرقلة لجنة التحقيق الأممية الخاصة بالسلاح الكيميائي في إنجاز مهامها”. في موقف دعمته روسيا الحليف التقليدي لسوريا والتي اعتبرت تلك الاتهامات بمثابة ”استفزاز مخطط له مسبقا”. وذهبت المعارضة السورية إلى اتهام المجموعة الدولية بتورطها بسبب صمتها في مجزرة الغوطة التي قالت إنه راح ضحيتها ما لا يقل عن 1300 قتيل. وقال جورج صبرا، قيادي في المعارضة، إن مجزرة الغوطة تشكل عاملا ملحا يجعل المجموعة الدولية مطالبة بالبحث عن حل سياسي للصرع الدامي في سوريا. والمفارقة أن ما حدث في الغوطة يأتي في نفس الوقت الذي يتواجد فيه فريق الخبراء الامميين للتحقيق في مزاعم استخدام السلاح الكيماوي قبل أشهر في دمشق. وهو ما جعل عدة أطراف داخلية وخارجية تطالب فريق الخبراء الاممي بالتوجه إلى المنطقة من أجل الشروع في تحقيقات عاجلة ومعمقة لكشف حقيقة ما جرى وتحديد المسؤول عن مثل هذه المجزرة الشنيعة التي راح ضحيتها الأطفال والنساء. وهو المطلب الذي تقدمه به نبيل العربي، الأمين العام لجامعة الدول العربية، التي شجبت في بيان لها أمس أعمال العنف المستمرة في سوريا والتي راح ضحيتها إلى غاية الآن ما لا يقل عن 100 ألف قتيل. وقال العربي إن فريق المفتشين مطالب ”بالتوجه فورا إلى الغوطة الشرقية والتحقيق حول ملابسات وقوع هذه الجريمة التي تشكل انتهاكا خطيرا للقانون الدولي الإنساني ويتوجب تقديم مرتكبيها إلى العدالة الجنائية الدولية”. واستغرب الرقم الأول في العام للجامعة وقوع هذه الجريمة أثناء وجود فريق المفتشين الدوليين التابع للأمم المتحدة في دمشق والمكلف بالتحقيق في استخدام الأسلحة الكيميائية. من جانبه، دعا أحمد الجربا رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض مجلس الأمن للانعقاد بشكل فوري لتحمل مسؤوليته حيال استخدام القوات الحكومية السلاح الكيميائي في الغوطة الشرقية بريف دمشق مطالبا فريق الأممالمتحدة الموجود في دمشق بالتوجه إلى المكان.أما بريطانيا فقد أكدت أنها سترفع تقارير عن استخدام سلاح كيميائي في ريف دمشق إلى مجلس الأمن الدولي مطالبة دمشق بالسماح لمفتشي الأممالمتحدة بالوصول إلى مكان الهجوم. وقال وزير خارجيتها، وليام هيغ، في بيان له ”أشعر بقلق بالغ إزاء التقارير بمقتل المئات من الأشخاص وبينهم أطفال في غارات جوية وهجوم بأسلحة كيميائية على مناطق واقعة تحت سيطرة المعارضة قرب دمشق”. ونفس الموقف أكده الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، في التوجه إلى الأممالمتحدة للمطالبة بإجراء تحقيق في مزاعم استخدام السلاح الكيميائي في ريف دمشق. بينما دعا وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو المجتمع الدولي إلى ”الرد الحازم على هذه الوحشية التي يجب اعتبارها جريمة ضد الإنسانية” إذا ما تأكدت هذه الأنباء.