ستكون الدورة السبعون لمهرجان البندقية للسينما موعدا للعرض الشرفي العالمي لآخر أعمال المخرج الجزائري مرزاق علواش الموسوم ب«الأسطح”، وسيتنافس مع 20 فيلما مشاركا على جائزة الأسد الذهبي، إذ يفتتح أقدم مهرجان للسينما في العالم، الأربعاء المقبل مع مشاركة كبيرة للأفلام الناطقة بالانجليزية. سبق لعلواش وأن شارك في مهرجان البندقية بفيلم “حراقة” في دورة 2009، وها هو يعود في دورة 2013 بفيلم “الأسطح”، وهو الفيلم الذي صوره في أقل من أسبوعين، ويتناول حكايات أناس يعيشون على سطوح المباني بالجزائر العاصمة، وتحديداً في حيّ باب الوادي الشعبي، وهو المكان الذي سبق لعلواش أن استمد منه العديد من السيناريوهات في أفلامه السابقة. وتتركز الحكاية على عائشة، الأم العزباء الفقيرة التي تؤدي دورها آمال كاتب، لكن إلى جانب عائشة، شخصيات أخرى يبدو أن علواش أراد الانتقال بينها، موحّداً الحالة الاجتماعية التي تعيشها، ومانحاً “السطوح” طابع فيلم ال«كورس”، بحيث تجتمع الشخصيات كلها في مساحة زمنية واحدة، من دون أن تلتقي بالضرورة أمام كاميرا المخرج، إذ أراد أن تتشابك خمسة مصائر، ملتقطاً إياها على امتداد يوم واحد لا غير، من الصباح إلى المساء. مهما يكن، فإن هذه الغزارة عند علواش اليوم تشير إلى أنه لم يعد يهتم بالمعوقات الإنتاجية، ولا ينتظر دائماً أن تتوفر لديه كل مستلزمات التصوير كي ينطلق في مشروعه، ميزانية شحيحة، موارد بشرية قليلة، التقاط مقتضب للمشاهد، هو أسلوب يختلف عن النحو الذي كان يعمل فيه سابقاً. وذكرت مصادر إعلامية، أن الفيلم الجديد سيبدو أكثر تفاؤلاً من أعماله الأخيرة التي اتسمت بسوداوية النظرة إلى الواقع الجزائري، سواء عندما تناول الحاضر، عبر تصوير قوارب الموت التي تحمل أحلام المهاجرين غير الشرعيين إلى الغرق، أو عندما عاد إلى “العشرية السوداء” ليصفّي حساباته الأخلاقية مع الإرهابيين. وبخصوص فكرة “الأسطح” فقد جاءت فكرة تصويره عندما كان يصوّر فيلماً قصيراً تحدث حكايته جزئياً على سطح موازٍ لمكتبه، حينها، أدرك التحول الذي بدأ يدخل إلى المدينة والمتمثل في استخدام السطوح أمكنة للسكن. جدير بالذكر، أن مرزاق علواش انتهى من تصوير فيلمه “الأسطح” مع بداية السنة الجارية، بعد أن استفاد مجددا من منحة مهرجان الدوحة ترابيكا السينمائي، وقد موّل فيلميه الأخيرين “نورمال” سنة 2011، و«التائب” سنة 2012. وحصل مرزاق علواش على جائزة أفضل فيلم روائي في مسابقة الأفلام العربية في الدورة الرابعة لمهرجان الدوحة ترابيكا عن فيلمه “التائب”، كما افتك الجائزة نفسها عن فيلمه “نورمال” في الدورة الثالثة، وربما سيفتك الثالثة بفيلم الجديد “الأسطح” بمهرجان الدوحة نفسه في الطبعة الخامسة المقبلة. وبالعودة إلى مهرجان البندقية بإيطاليا، يرتقب أن يكون متألقا بحضور جورج كلوني أحد رواد مهرجان البندقية الكبار، فضلا عن مواطنته ساندرا بيلوك وهما بطلا فيلم التشويق العلمي الخيالي “غرافيتي” للمخرج المكسيكي الفونسو كوارون، الذي سيعرض خارج المسابقة بنسخته ثلاثية الأبعاد ويدور حول رائد فضاء مخضرم وخبيرة هندسة طبية عليهما تدبر أمورهما بعد انفجار مكوكهما الفضائي. ويعرض خلال المهرجان ما مجموعه 53 فيلما يتنافس 20 منها للفوز بجائزة الاسد الذهبي التي تمنح في السابع من سبتمبر الداخل. ومن بين المشاركين في المسابقة الرسمية المخرجان البريطانيان ستيفن فريرز (فيلومينا) وتيري جيليام (ذي زيرو ثيوريم) والياباني هايا مياكازي (كازيه تاشينو) وهو السينمائي الآسيوي الوحيد المشارك في المسابقة الرسمية إلى جانب تسلاي مينغ-ليان (جياويو) من تايوان. ويمثل المخرج فيليب غاريل فرنسا في المسابقة مع فيلم “لا جالوزي” (الغيرة) وهي قصة حب وعلاقة زوجين مع مشاركة اثنين من أطفاله لوي واستير غاريل والممثلة آنا ماغليس. وعلى صعيد الأفلام الناطقة بالفرنسية، يشارك مرزاق علواش مع فيلم “الأسطح” والكندي كزافيه دولان “توم آ لا فيرم” (توم في المزرعة). ومن السينمائيين الذين يرتقب مشاركتهم كثيرا، كاتب السيناريو الأمريكي بيتر لاندزمن في أول فيلم يخرجه وهو بعنوان “باركلاند” حول اغتيال الرئيس الأمريكي جون كينيدي الذي يتوقع أن يعرض في القاعات بمناسبة الذكرى الخمسين لهذه الحادثة في 22 نوفمبر المقبل. وستكون بريطانيا ممثلة أيضا بجون كوران وفيلمه “تراكس” و«اندر ذي سكين” لجوناثان غلايزر الذي تلعب فيه سكارلت جوهانسون دور امرأة مثيرة من الفضاء الخارجي. وعلى الصعيد الايطالي، تقدم ايما دانتي فيلمها الأول وهو بعنوان “فيا كاستالينا باندييرا” وجاني اميليو “الشجاع” وهو سبق أن فاز بجائزة الأسد الذهبي في العام 1998. وللمرة الأولى يشارك فيلمان وثائقيان في المسابقة الرسمية وهما “ذي أنون نون” للأميركي ايرول موريس وهو مقابلة طويلة مع وزير الدفاع الأميركي السابق دونالد رامسفلد و«سكار غرا” للايطالي جانفرانكو روزي الذي صور حول الجادة الالتفافية في روما. ويرأس لجنة التحكيم في الدورة السبعين للمهرجان المخرج الايطالي برناردو برتولتشي (73 عاما) بمعية المخرجة والكاتبة البريطانية اندريا ارنولد والممثلة الفرنسية فيرجيني لودويان ومدير التصوير الفرنسي-السويسري ريناتو برتا والممثلة الألمانية مارتينا جيدك. وبمناسبة الدورة السبعين دعي 70 سينمائيا من العالم بأسره إلى تصوير فيلم قصير يجسد “رؤيتهم لصناعة السينما”.