نزل المتحف إلى الشارع وتجمع الناس من حوله قصد إرضاء فضولهم، خاصة أن معظم الجزائريين لا يملكون ثقافة متحفية أو ثقافة التردد على المتاحف رغم كل ما تحويه هذه المؤسسات من تحف ودلائل مادية عن الكثير من الحقب التي عرفتها البلاد منذ قديم الزمان، بالإضافة إلى بروز متاحف متخصصة، لكنها لا تعرف شهرة واسعة، لذلك سعت مديرية الثقافة لولاية الجزائر ومتحف ”الباردو” بالتعاون مع بلدية الجزائر الوسطى، إلى التأسيس لمبادرة أن تزور المتاحف الناس أملا في أن يردوا الزيارة إلى مقراتها. هو المشهد الذي رسم، أول أمس، بساحة البريد المركزي بالجزائر العاصمة، فقد توافدت جماهير غفيرة للاطلاع على الحدث الأول من نوعه، ويبدو أن الوصاية ماتزال تبحث عن سبيل للتصالح مع الجمهور وتكسبه ليصبح صديقا للمتاحف ويزورها بين الفينة والأخرى، بالنظر إلى الوضعية غير المقبولة للثقافة المتحفية الناقصة لدى المواطنين. وعن المبادرة، أوضحت فاطمة عزوق مديرة متحف ”الباردو” ومنسقة هذه التظاهرة، أن نقل المتحف إلى المساحات العمومية جاء لتقريب المواطن من هذه المؤسسات الثقافية والعمل على خلق تواصل بين الجمهور والمتاحف، وهو الأمر الذي تشاطرها فيه بديعة ساطور، مديرة الثقافة لولاية الجزائر، وقد عبرت عن أملها في نجاح التظاهرة، وأن تلقى تجاوبا من طرف الزوار لترسيخ ثقافة متحفية. وحملت التظاهرة شعار ”المتحف في الشارع”، يشارك فيها كل من المتحف الوطني ل«الباردو”، المتحف الوطني للآثار القديمة، متحف الفنون والتقاليد الشعبية، متحف الزخرفة، المنمنمات والخط العربي، متحف الفنون الحديثة والمعاصرة، متحف الفنون والتقاليد الشعبية للمدية والمدرسة الوطنية للحفظ والترميم للممتلكات الثقافية ومركز الفنون والثقافة لقصر رياس البحر. وفي مختلف الأجنحة التي أقيمت بساحة البريد المركزي، استقطبت الورشات التعليمية التي نظمها متحف ”الباردو”، متحف الزخرفة والمنمنمات ومتحف الآثار القديمة جمهورا واسعا، أثاره الفضول للاكتشاف عن كثب على مهمة مختلف المتاحف، حسبما لوحظ، ولقيت الورشة المخصصة للخط العربي توافدا معتبرا من قبل المارين الذين لفتت انتباههم تقنيات كتابة الخط العربي المتنوع بين خط الرقعة والكوفي، حيث لم يتردد المارون على التوقف عند الورشة لتعلم التقنيات بتأطير من أحد المختصين في الفن التشكيلي والخط العربي. ونظم متحف ”الباردو” هو الآخر ورشة خصصت للأدوات المستعملة من طرف الإنسان البدائي، على غرار فن الرسم على الصخر وصناعة الحلي، وفي الجهة المقابلة للورشات، نصبت خيم خاصة للتعريف بالمؤسسة المتحفية، واكتفت المتاحف المشاركة بعرض صور تمثل تحف فنية ومجموعة من المنشورات الخاصة بعمل المتحف، بالإضافة إلى ملصقات تقدم نبذة عن هذه الصروح الثقافية. جدير بالذكر أن النشاط يستمر إلى غاية يوم 6 سبتمبر الجاري بساحة البريد المركزي، بحضور خطاطين، إلى جانب مختصين في الحفظ والترميم.