انطلقت، أمس، بمركز الاتفاقيات بوهران، أشغال الدورة ال22 للندوة الإقليمية الإفريقية للمنظمة الدولية للشرطة الجنائية "الانتربول"، تحت الرئاسة المشتركة للمدير العام للأمن الوطني، اللواء عبد الغني هامل، ورئيسة منظمة الانتربول، السيدة ميراي باليسترازي، وحضور ممثلي الدول الإفريقية ال50 الأعضاء في المنظمة. وفي هذا الإطار، أكدت رئيسة منظمة الانتربول، السيدة باليسترازي، أن استضافة مدينة وهران بالخصوص لفعاليات هذه الندوة الإقليمية الإفريقية ما هي إلا فرصة لجميع أعضاء المنظمة من أجل الالتئام في إطارها، لتعزيز أواصر العلاقات المتميزة التي تربط أعضاءها وتبيان اتجاهات الإجرام الناشئة، إضافة إلى تحديد الإجراءات الواجب اتخاذها وأهم الخطوات في مواجهة المشاكل المختلفة التي تواجهها البلدان الأعضاء في منظمة الانتربول، كما قالت السيدة باليسترازي إن السلطات الجزائرية استضافت فعاليات الندوة الاكثر حضورا منذ الاجتماع الأول الذي انعقد سنة 1962. وفي هذا الإطار، تعرضت السيدة ميراي باليسترازي في كلمتها الافتتاحية إلى العديد من المشاكل الكبيرة والهامة التي تعاني منها القارة الإفريقية والمتمثلة في أنها قارة أصبح يتزايد فيها إنتاج المخدرات بعدما كانت منطقة عبور مثلها مثل الجزائر التي كانت إلى وقت قريب منطقة عبور لهذه السموم لتصبح الآن من المناطق المستهلكة للمخدرات والمهلوسات بشتى أنواعها، وهو ما جعلها تعتبر هذه الندوة التي تحتضنها مدينة وهران على مدى ثلاثة أيام من أهم الفرص لبحث هذه المشكلة واتخاذ التدابير المناسبة لمحاربتها والسيطرة عليها، خاصة وأن هذه الظاهرة السلبية التي أصبحت ذات بعد عالمي أصبح من اللازم محاربتها مثلها مثل المواضيع الهامة الأخرى كالأسلحة النارية والإرهاب والقرصنة البحرية، الأمر الذي يجعل مناقشة هذه المسائل الحيوية واتخاذ الإجراءات المناسبة لها من أولوية الأولويات في هذه الندوة التي من المفروض أن تختتم أشغالها يوم غد بالعديد من التوصيات التي تلزم كافة الدول بوجوب وضرورة احترام القانون وفق الإمكانيات المتاحة والعمل على تطبيقه بكل حزم وصرامة. من جانب آخر، أكدت رئيسة الانتربول أن تعزيز الأمن على الحدود البرية والبحرية والجوية من خلال التعاون هو مفتاح العمل الدولي الناجح، سواء بين أجهزة تنفيذ القوانين أو مع مختلف الشركاء والمتعاملين الدوليين الآخرين، وذلك لن يكون إلا باتباع ومعاينة التقارير اليومية للمنظمات الإقليمية الأربع لرؤساء الشرطة على أنشطتها التي تعزز التعاون عبر الحدود.وفي هذا الشأن، ألحت السيدة باليسترازي في كلمتها على التحلي باليقظة الدائمة مع المحافظة في نفس الوقت على المنظور الاستراتيجي، لأن تحليل التهديدات التي تعصف بالقارة الإفريقية والتخطيط لمواجهتها من خلال استراتيجية أمنية فعالة هما السبيل الوحيد الذي يخيف الإرهابيين ومختلف المجرمين وهو الأمر الذي يجعل منظمة الانتربول –تقول رئيسة الانتربول- تولي الأهمية القصوى لندوة وهران. أما المدير العام للأمن الوطني، اللواء عبد الغني هامل، فأكد في كلمته الافتتاحية التي أعلن من خلالها على الافتتاح الرسمي لأشغال الندوة، الأهمية القصوى لاحتضان مدينة وهران لهذه الأشغال التي اعتبرها ترجمة لمدى الاهتمام الجزائري على أعلى المستويات بمجال تعزيز سبل التعاون بين أجهزة الشرطة في العالم وذلك من أجل توحيد الرؤى والجهود للتصدي الفعال والمحكم لكافة أشكال الإجرام الذي يمس العالم، مما يستدعي من الجميع تكثيف العمل الأمني المشترك لصد مخاطره والعمل على مكافحته والسعي لتوفير الأمن والسكينة للمواطن. ومن منطلق البعد العالمي للإرهاب والجريمة المنظمة، قال المدير العام للأمن الوطني بأنه أصبح من واجب الأجهزة الأمنية والشرطة على وجه الخصوص في العالم وفي إفريقيا على وجه التحديد أن توحد جهودها من خلال التعاون المشترك ما بين تلك الأجهزة الأمنية وتوحيد الرؤى والأهداف من أجل القضاء على عصابات الإجرام. وفي هذا الإطار، يقول السيد عبد الغني الهامل إن المنظمة الدولية للشرطة الجنائية هي الآلية الفعالة والإطار الأنسب لتحقيق الأهداف المرجوة المتمثلة في توحيد عمل أجهزة الشرطة عبر دول العالم وتمكينها من ملاحقة المجرمين وتنفيذ القوانين في إطار التعاون والشراكة الفعالة المتميزة، مشيرا في هذا الصدد إلى النتائج المحققة في مجال مكافحة كل أشكال الجريمة وإيقاف مرتكبيها ومقترفيها عبر كافة دول العالم. ومن هذا المنطلق، يعتبر السيد المدير العام للأمن الوطني بأن الندوة ال22 المنعقدة بوهران هي من أكبر الفرص لتعزيز سبل التعاون وتقويتها ما بين مختلف الفاعلين في الدول الإفريقية، وذلك بفضل الحضور المتميز لمسؤولي وإطارات ومسيري منظمة "الأنتربول"، إضافة إلى الخبراء والمختصين من الهيئات الدولية الأخرى وهذا كله من أجل بحث ومناقشة واقع الجريمة بمختلف أشكالها في الدول الإفريقية والعمل على إيجاد الحلول المشتركة للتصدي لمخاطرها في إطار التشاور الموحد. وزيادة على هذا، يقول المدير العام للأمن الوطني إن انعقاد هذه الدورة يأتي في ظل تحولات عميقة يشهدها العالم اليوم وإفريقيا تحديدا، إضافة إلى التحديات الأمنية التي تقتضي مضاعفة الجهود من أجل مواجهتها من قبل أجهزة الشرطة في ظل مجهودات المنظمة الدولية للشرطة الجنائية من خلال مواكبة كافة التطورات والمستجدات لتوفير الأمن والأمان والسكينة للمواطن أينما كان. وفي هذا الإطار يقول اللواء عبد الغني هامل، إن هذا اللقاء الإقليمي الهام سيسمح بتبادل الخبرات والتجارب بين الخبراء والمختصين والعاملين بأجهزة الشرطة بالدول الإفريقية في مجال محاربة المخدرات والقرصنة البحرية والاتجار بالأسلحة والإرهاب وغيرها من الآفات الكثيرة والخطيرة التي أصبحت تهدد أمن واستقرار الشعوب والمجتمعات في العالم عامة وفي القارة الإفريقية على وجه التحديد. ومن هذا المنطلق، يؤكد المدير العام للأمن الوطني بأنه مقتنع تماما بأن هذه الندوة الإقليمية ستكون فرصة مناسبة لبحث هذه المسائل والمشاكل ليتم من خلالها وضع الأسس المشتركة والآليات الميدانية الفعالة وهي الأسس التي من شأنها أن تكون سندا قويا لتنفيذ القانون على مستوى كافة الدول الإفريقية التي تبذل أجهزتها الأمنية جهودا كبيرة لمحاربة الجريمة والجريمة المنظمة التي تمس الكثير من الدول الإفريقية ومنها الجزائر التي تبقى حريصة على المساهمة في الجهود الأمنية والمشاركة في كل المبادرات الرامية إلى تطوير هذا التعاون والمضي به قدما نحو الأمام، إلى جانب العمل على المساهمة الحقيقية بتجربتها في كافة اللقاءات التي يتم تنظيمها في إطار المنظمات الدولية والإقليمية للشرطة الجنائية، مؤكدا أن الجزائر لا تدخر أي جهد من أجل التطبيق الصارم والتنفيذ الكلي للقرارات المختلفة الصادرة في هذا الإطار وما المركز الخامس الذي تحتله الجزائر في التصنيف العالمي لمنظمة الانتربول إلا دليل على ذلك. ومن هذا المنطلق، دعا اللواء عبد الغني هامل كافة ممثلي الدول المشاركة في هذه الندوة ال22 لمنظمة الانتربول إلى دعم التنسيق وتطوير أساليب التعاون لمكافحة الجريمة على المستوى الدولي والقاري مع التركيز على العمل الوقائي والاستباقي في مواجهتها واتخاذ الإجراءات الملموسة والفعالة بشأنها ووضع مختلف القرارات المتخذة في هذا المجال حيز التنفيذ.