يقدم المهرجان الثقافي الدولي لموسيقى الديوان في طبعته السادسة، برنامجا ثريا ومتنوعا من الطبوع والأصوات، في الفترة الممتدة بين 27 سبتمبر إلى 3 أكتوبر القادم، حيث سيكون الموعد ملتقى لمحبي هذا الفن الأصيل بقاعة “ابن زيدون” بديوان رياض الفتح، وقد كشف المنظمون عن الأسماء التي ستحيي سهرات التظاهرة. عرفت الدورات السابقة نجاحات كبيرة، ويراهن المهرجان في طبعة 2013 المواصلة على هذه الوتيرة، وستتميز هذه الطبعة بالتفتح على طبوع موسيقية متنوعة، تنشطها وجوه كبيرة على الساحة الدولية، إلى جانب فرق الديوان الجزائرية التي سبق وتألقت بإبداعاتها. وستنظم سهرة الافتتاح مع العازف الكبير على الآلة السكسية، الإفريقي الأمريكي آرشي شيب الذي سيقدم “برنامجا مستلهما من موسيقى الديوان” رفقة العازف المالي على آلة البيانو شيخ تيديان سيك ومواطنته ماماني كايتة في الغناء. كما ستنشط السهرة الافتتاحية الفرقة العاصمية أولاد بامبارا التي تحصلت على الجائزة الثانية في المهرجان الوطني الأخير لموسيقى الديوان في جوان الفارط، إلى جانب فرقة “عمي إبراهيم” من بشار (الجائزة الأولى) وفرقة “دندون” من غرداية (الجائزة الثالثة). وسينشط سهرات هذا المهرجان فرق جزائرية أخرى؛ على غرار فرقة جمعاوي أفريكا وفرقة راينا راي. وحسب محافظ المهرجان مراد شويحي، فإن تنوع الأفق الموسيقية يعد فرصة سانحة لإعطاء بعد واسع لموسيقى الديوان من خلال تشجيع احتكاكه مع أنوع موسيقية أخرى، مع الاحتفاظ بالجانب الروحي لهذا الإرث العريق. وأوضح أنه أراد تفادي إضفاء الطابع الفلكلوري لموسيقى الديوان من خلال برمجة عروض تتمحور فقط حول الجانب الروحي لهذا النوع على حساب طابعها التقليدي والأسطوري الذي يصعب تقديمه على الخشبة. وسيختتم المهرجان يوم 3 أكتوبر على إيقاعات البلوز والفنك من مدينة شيكاغو، في عرض تقدمه فرقة العازف الأمريكي على آلة البوق “بوني فيلدس”. وفرضت موسيقى الديوان أو الغناوي المتجذرة في ثقافة الجنوب-الغربي للجزائر نفسها في ظرف عشرية على الساحة الموسيقية الوطنية، ومن بين الفرق التي سترفع بحضورها قيمة هذا العرس الفني، ثلاث فرق كانت قد نالت جوائز الطبعة السابعة للمهرجان الثقافي الوطني لموسيقى الديوان المنظَّم بمدينة بشار من 7 إلى 13 جوان 2013، وهي تظاهرة شكلت فضاء تنافسيا لترشيح المشاركة الجزائرية في المهرجان الدولي للجزائر. من بين تلك الفرق، فرقة “عمي إبراهيم” من بشار التي فازت بجائزة المهرجان المذكور (الأولى)، وهي تحمل اسما حمله فنانون ممن يُعرفون ب”المقدمين” بنفس المدينة، وممن ساهموا في تكوين العديد من المولعين بموسيقى الديوان ومحبّيها. أُنشئت الجمعية سنة 1968، لتعمل منذ ذلك الوقت على الحفاظ على تراث الأجداد المقدمين، منهم سالم بلحاج، سغو، بافاراجي وبرزوغ بلال، وهم من وجوه هذا التراث الموسيقي. وتعود بدايات “عمي ابراهيم” الفنية إلى فترة الخمسينيات من خلال “غندوز قرقابو” و«المعلم”. وبعد تلقّيه دروسا في الأبراج وفقدان تقليد الڤناوي، قرر إنشاء فرقة، ليعطي ما تَعلّمه مرفوقا ب 15 عضوا، وهكذا استطاع أن ينهض بهذا الفن. أصبح “عمي ابراهيم” المعلّم وفنه علامة في كل المهرجانات، إضافة إلى القعدات التي كان ينظّمها في كل ربوع الوطن، حيث حاز فيها على الكثير من الجوائز. أما فرقة “ولد بامبرا” الفائزة بالجائزة الثانية في المهرجان الوطني الأخير ببشار، فتساهم بأسلوب آخر في إطار سجل موسيقى الديوان، وهو أسلوب أعجب الجمهور الذي يتنقل وراء هذه الفرقة أينما حطّت. للإشارة، فقد عادت هذه الفرقة للعمل في عام 2010 بمبادرة من يسري محمد صغير تامبارت المشهور بطوطو، وهي فرقة تهوى كل الطبوع الموسيقية، مكونة من 8 أعضاء قادمين من فضاءات موسيقية مختلفة، سواء منها الديوان التقليدي أو ما يُعرف بموسيقى فوزيون، ليقرروا بعدها الانفتاح على موسيقى الديوان الجزائرية والمغربية، إضافة إلى طبع السطمبالي التونسي. وقد أطلقوا على مسعاهم المغاربي هذا “تاغناويت” رغم أن طابع الديوان الجزائري هو منطلقهم. الفرقة الثالثة المشاركة هي فرقة دادون غرداية، وهي ثالث مشاركة لها في المهرجان، علما أنها تحصلت على جائزة في مهرجان بشار، وتم الاعتراف بمجهوداتها على مدار 15 سنة من العمل. يقود هذه الفرقة بشير بوراس المتمكن من كل ما هو تراث للديوان، إضافة إلى أدائه المتميز؛ من خلال الريتم البطيئ الذي يؤدَّى على الدادون، وهو نوع من الطبل التقليدي يعزف الفنان عليه بعصا صغيرة واحدة، وتعمل الفرقة على النهوض بهذا الطبع.