يُعتبر مركز الصيد البري بزرالدة أحد المراكز التقنية التي تم إنشاؤها مطلع الثمانينات لتنمية نشاطات الصيد البري في الجزائر، وتربية الحيوانات وتطوير الأصناف التي هي في طريق الانقراض، إلى جانب متابعة الثروة الصيدية من خلال الأبحاث العلمية المعتمَدة في هذا الجانب، حسبما أشارت إليه المجلة نصف السنوية «الرسالة الصيدية» الصادرة عن المركز. وفي عددها 14 وتحت شعار «معرفتنا الجيدة بالكائنات الحية هي تسييرنا الحسن للبيئة»، تناولت المجلة عدة محاور، منها إعادة تنظيم نشاط الصيد المرتبط بالتنمية المحلية والحياة الاقتصادية، فضلا عن النشاط السياحي المحلي والبيئي، خاصة فيما يتعلق بحماية استمرارية صنف الأيّل البربري، وهو صنف ثدييّ محمي في طريق الانقراض، يتمركز وجوده في شمال شرق البلاد. وقد تم تخصيص محور كامل في المجلة عن العوامل المؤدية إلى انقراض نسل هذه الحيوانات؛ حيث تُعد يد الإنسان العامل الأول والرئيس فيه؛ جراء عمليات الصيد العشوائية وغير المرخَّصة التي يقوم بها الهواة، خاصة بالمناطق الجنوبية للولاية، ليصبح معها الغزال الصحراوي مهدَّدا بالانقراض أمام الصمت المطبق من قبل الجهات الوصية، وفي ظل التراجع الكبير في عدد الفضاءات الغابية المتواجدة، والانعدام الكلي للثقافة البيئية، التي من شأنها الحفاظ على هذا التوازن الإيكولوجي والبيولوجي، إلى جانب قلة المحميات البيئية، وحملات الإبادة التي تتعرض لها الكائنات الحية، على غرار الطيور التي يتم اصطيادها من طرف الصيادين، الذين يحلّون كل سنة على بعض الولايات السهبية ويسببون مجازر إبادة لبعض الأنواع النادرة جدا منها، والمتواجدة في مثل هذه المناطق. وأمام الصمت الرسمي والجمعوي قد تصبح يوما ما هذه الأنواع النادرة بمثابة أساطير تُروَى للأجيال القادمة. فهذا المركز من خلال ما جاء في المجلة، يعمل على إنجاز ثلاثة برامج أساسية تخص تطوير الأيّل البربري من خلال توفير الظروف الملائمة لتكاثره وحمايته من الانقراض، ويخص البرنامج الثاني تنمية الحجل المحلي، والتحكم في تربيته للحصول على سلالة تتكاثر في الوسط المغلق، لإطلاقها في الوسط الطبيعي. أما البرنامج الثالث فيخص، حسب محدثنا، تربية الحبّار، وهو نوع من الطيور يصل وزنه إلى2.1 كيلوغرام، يتكيف مع المناخ الذي يوضع فيه، ويتكاثر بسهولة في الوسط المغلق والطبيعي علي حد سواء. أصله من آسيا، وتم نقله إلى أوروبا في القرن الثامن عشر، ثم إلى مختلف أنحاء العالم لتوفره على ميزات قنصية وصيدية جيدة. وبمطلع سنة 1970 تم إدخاله إلى الجزائر بنجاح، واستمر المركز في تربيته، وهو الآن متحكَّم في التقنيات المرتبطة بهذه العملية. وشهدت السنوات الماضية تعليق النشاطات الصيدية في الجزائر لأسباب أمنية، تم في ذلك اللجوء إلى اعتماد الصيد الإداري، والذي يهدف إلى تخفيف الضرر عن الثروة الحيوانية والغابية وحمايتها من الحيوانات الضارة التي تستهدفها مثل الخنزير البري المخرّب. وبالموازاة مع ذلك، عمدت مصالح المركز إلى إعادة تنظيم وهيكلة الصيادين، وإشراكهم في عملية تقييم الطريدة. وفي هذا العدد كان الأيّل البربري على رأس الاهتمام، حيث تم إعداد مخطط للصيد يحدد الأصناف المعنية بالتنمية، بالإضافة إلى المساحة والظروف المناخية الملائمة لتكاثرها، وهو مشروع اتجه إلى حماية الأصناف التي هي في طريق الزوال، بالإضافة إلى تهيئة الظروف الملائمة لممارسة النشاطات الصيدية وتحريك الجوانب الاقتصادية والسياحية المرتبطة بها، والتي تعرف تقدما في الدول الأخرى، يضاف إليها نشاط تطوير وتنمية المصيدات. من جانب آخر وحسبما ورد في نفس العدد، فإن المركز يركز أيضا على الجانب التحسيسي؛ من خلال فتح أبوابه لتلاميذ المدارس والعائلات، ويؤطر سنويا أعدادا كبيرة من الطلبة الجامعيين من داخل وخارج الوطن لإعداد شهادات عليا في التخصص المرتبط بالصيد البري وحماية الحيوانات من الانقراض. وفي كلمة اختتامية للمدير والمكلف بالنشر السيد م. جويشيش قال: «هذه المجلة تستقطب شهريا قرّاءً جددا من مختلف شرائح المجتمع، لاسيما العلميون وطلاب الجامعات وهواة الصيد وحتى المبتدئين في هذا المجال. كما احتلت المجلة رفوف بعض المكاتب الجامعية، وهذا بفضل المقالات الثرية التي جُمعت من العديد من المصادر، لا سيما مذكرات تخرّج المهندسين التي تُنشر في كل عدد منذ 7 سنوات».