شكل اعتقال أبو انس الليبي من طرف قوة خاصة أمريكية في منزله بالعاصمة طرابلس مباشرة بعد صلاة فجر أمس، الحدث الأبرز في ليبيا بالنظر إلى وزن الرجل في هرم التيار الجهادي الليبي والعالمي. وأكد أحد أقارب أبو انس الليبي باسمه الحقيقي، نزيه عبد الحمد الراغي، البالغ من العمر تسعة وأربعون عاما، أن الرجل "اختطف" من طرف ملثمين عندما كان بصدد توقيف سيارته أمام بيته لدى عودته من أداء صلاة الفجر أمس، في أحد أحياء العاصمة طرابلس واقتيد إلى وجهة مجهولة. وأكد البنتاغون الأمريكي، قيام مجموعة من رجال مكافحة الإرهاب باعتقال الليبي في عملية أمريكية ضد الإرهاب. مشيرا إلى أنه موجود الآن في مكان آمن خارج ليبيا. ويعد أبو انس من أكثر قيادات تنظيم القاعدة المطلوبين لدى الولاياتالمتحدة، حيث أدرجته ضمن قائمة المبحوث عنهم منذ أكثر من 13 سنة، بعد أن حملته مسؤولية التخطيط لعمليتي تفجير سفارتها في دار السلام التنزانية ونيروبي الكينية سنة 1998، وجعل مكتب التحقيقات الفيدرالي يخصص مبلغ خمسة ملايين دولار كمكافأة لكل من يساعد على اعتقاله. وحسب مصادر ليبية، فإن أبا انس كان عاد إلى ليبيا للمشاركة في الثورة على نظام العقيد معمر القذافي، ولكنه منذ ذلك التاريخ بقي بعيدا عن الأضواء ولا يغادر منزله إلا لأداء الصلاة في مسجد حيه. ومكّنه تكوينه في مجال الإعلام الآلي وتحكّمه في أنظمة الاتصال من تسلق سلم المسؤوليات في تنظيم القاعدة العالمي، بعد أن دخل السودان فارا من ملاحقة أجهزة المخابرات الليبية في عهد العقيد الليبي معمر القذافي سنة 1990، قبل توجهه إلى أفغانستان ثم اليمن، قبل أن يحصل على اللجوء السياسي في المملكة المتحدة، حيث أقام هناك إلى غاية سنة 2000 قبل مغادرته إلى باكستان. وفي وقت اعتبر اعتقال أبو انس الليبي ضربة قوية لتنظيم القاعدة وللتيار الإسلامي المتطرف في ليبيا، فقد شكل إحراجا كبيرا للحكومة الليبية التي تضاربت مواقفها بين نفي اعتقاله وعدم علمها بذلك. وأكدت السلطات الليبية أمس، أنها لا علم لها بعملية الاعتقال وأنها ستطالب بتوضيحات من الإدارة الأمريكية. وأكدت في بيان لها، أن الحكومة تتابع باهتمام الأخبار حول اختطاف أحد المواطنين المبحوث عنهم من طرف الولاياتالمتحدة بمجرد علمها بذلك. ورغم هذه التبريرات، إلا أن ذلك لم يرق للتيارات الإسلامية المتطرفة التي رأت في موقف الحكومة تواطأ مع المخابرات الأمريكية لتسهيل عملية اعتقاله. ورأت العديد من المصادر الليبية، أن العملية ستزيد من هشاشة الحكومة الانتقالية في وقت زادت فيه هيمنة الجماعات الإسلامية المتطرفة على المشهد الأمني، وخاصة في شرق البلاد ومدينة بنغازي تحديدا. وتزامن اعتقال ابو انس الليبي مع عملية مماثلة نفذتها قوة خاصة أمريكية في الصومال، استهدفت قياديا في حركة الشباب المجاهدين لم تشر المصادر الأمريكية إلى هويته، واكتفت بالقول إنه يكون قد قتل في الهجوم. وأكد عبد العزيز أبو مصعب، الناطق باسم حركة الشباب المجاهدين الهجوم، وقال إن حركته تعرضت لهجوم، حيث قتل أحد عناصرها وأن عددا من عناصر القوات الأجنبية قتلوا في الهجوم دون أن يحدد عددهم. وتوعد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، بأن المخابرات الأمريكية وقواتها الخاصة تابعة لقوات البحرية ستواصل مطاردة القيادات التيارات الإسلامية إلى غاية تحييدهم جميعا.