واصل حوالي مليوني حاج من جميع أنحاء العالم أمس، رمي الجمرات في منى بمكةالمكرمة في أول أيام التشريق؛ إيذانا بنهاية حج هذا الموسم. ويرمي الحجاج الجمرات الثلاث مبتدئين بالجمرة الصغرى، فالوسطى، ثم جمرة العقبة. ووقف أكثر من مليون و400 ألف، منهم 28 ألف و800 جزائري بجبل ”الرحمة” على صعيد عرفات في يوم الحج الأكبر. وشدّد مفتي السعودية في خطبته على ضرورة بناء ”اتحاد إسلامي قوي” في مواجهة الفتن وأعداء الأمة. واستوعب جسر الجمرات بأدواره المتعددة الحشود الهائلة من الحجاج، الذين توزعت وفود تفويجهم على طبقات الجسر، تباعا لرمي الجمرات وخطط التفويج المعَدة لذلك. وكان جموع ضيوف الرحمن قد تجمّعوا منذ فجر أول أيام عيد الأضحى المبارك، لأداء نسك رمي الجمرات في مشعر منى، برمي الجمرة الكبرى بسبع حصيات في انتظام سلس وحركة هادئة.وكان الحجاج قد نفروا بعد غروب شمس الإثنين، بالتوجه إلى مزدلفة بعد الوقفة على صعيد عرفات. وأدى ضيوف الرحمن عقب وصولهم صلاتي المغرب والعشاء جمع تأخير؛ اقتداء بسنّة النبي محمد (ص)، ومن ثم المبيت بالمشعر الحرام قبل التوجه عقب شروق شمس العاشر من ذي الحجة لرمي جمرة العقبة الكبرى بسبع حصيات، ومن ثم ذبح الهدي والحلق أو التقصير ويتحللون التحلل الأصغر، ثم التوجه إلى مكة لطواف الإفاضة والسعي، فيتحللون التحلل الأكبر، ثم الرجوع إلى منى للمبيت في أيام التشريق الثلاثة، والتي يتخللها رمي الجمرات الثلاث كل يوم من أيام التشريق ويلتقطون بعدها الجمار. وقضى حجاج بيت الله الحرام يوم الإثنين على صعيد عرفات ملبين، متوجهين إلى الله بقلوب خاشعة متضرعة إلى البارئ عز وجل أن يغفر ذنوبهم ويتقبل منهم حجهم وصالح أعمالهم. وأقام المرشدون الدينيون الجزائريون خطبتي عرفات وأمّوا المصلين داخل المخيمات وألقوا خطبة ”عرفات” موحدة نموذجية وعظيه للحجاج. كما أدى الحجاج صلاتي الظهر والعصر جمعا وقصرا واستمعوا إلى خطبة عرفة التي ألقاها في مسجد نمرة سماحة مفتي عام المملكة السعودية الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، الذي دعا إلى بناء ”اتحاد إسلامي قوي” في جميع مناحي الحياة، لاسيما في المجالين العسكري والاقتصادي. وحذّر الشيخ الأمة الإسلامية من تربص الأعداء بها، داعيا إياها ل«التحلي بالوعي”. وقال إنها تمر حاليا بمرحلة ”حرجة” بتفرق أبنائها عن طريق حروب داخلية وتكالب الأعداء عليها، مرجعا سبب ذلك إلى ”ابتعادهم عن العقيدة الصحيحة وتدهور أخلاقهم”. وأضاف أنه آن الأوان للأمة الإسلامية أن تفيق من غفلتها وأن ”تبتعد عن التشتت بلمّ شملها وبناء مستقبلها بأيدي أبنائها وقدراتهم”. ومن أجل بلوغ هذه الغاية المنشودة دعا الخطيب قادة الأمة الإسلامية وعلماءها، إلى ”التماسك والتعاون فيما بينهم وكذا التحلي بالأخلاق الفاضلة، لتكون (أي الأمة الإسلامية) في مقدمة القافلة”.وقال إنهم ”مسؤولون عن دفع الأخطار عن دولهم وإفشاء العدل بين رعاياهم وكذا الدفاع عن الوحدة الإسلامية”. و خاطب العلماء قائلا إن لهم ”دورا فعالا في إطفاء العداوة والحروب”، داعيا إياهم إلى التحلي بالشجاعة والموضوعية والصلاح لفض كل النزاعات. كما دعا في ذات الصدد الشعوب الإسلامية للمحافظة على أمن بلدانهم ومكتسباتها ومشاريعها العامة النافعة، وكذا المحافظة على مختلف مؤسسات دولهم والعمل على إفشال كل مساعي الأعداء. للإشارة، استبدلت الكعبة المشرفة كسوتها الجديدة، إذ تم نقل الثوب الجديد إلى الحرم الشريف والمكون من أربعة جوانب مفرقة وستار الباب، حيث تم رفع كل جنب من جوانب الكعبة الأربعة على حدة إلى أعلى الكعبة المشرفة. وبلغت تكلفة تصنيعها هذا العام 22 مليون ريال سعودي. ويُنقش عليها عدة عبارات، منها: ”لا إله إلا الله محمد رسول الله، الله جل جلاله، سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم، يا حنان يا منان”. كما يوجد تحت الحزام على الأركان سورة ”الإخلاص” مكتوبة داخل دائرة محاطة بشكل مربع من الزخارف الإسلامية.