قدّم الفكاهي الفرنسي المعروف غي بودوس، أول أمس بقاعة ابن زيدون، آخر عرض له”ستار”، مختتما 50 سنة من العمل الفردي بالجزائر. وتجوّل الممثل والفكاهي غي بودوس على مدى ساعة ونصف ساعة من الزمن خلال عرضه “ستار”، بمناطق مختلفة وحساسة من إفريقيا والعالم العربي التي تنخر أجسادها الخلافات السياسية والصراعات الدامية الداخلية؛ حيث حاول عن طريق الجمع بين الجد والهزل، إعطاء نظرة ناقدة لفنان ظل طيلة الوقت قريبا من الشؤون السياسية والاجتماعية لبلده أوّلا، وكل ما يجري من أمور جدية وخطيرة في العالم، في مرحلة ثانية. وقد تناول الفنان في هذا العرض الذي قدّمه في عدة مدن منذ 2011 وبأسلوب تهكمي لاذع النقد، ما يجري اليوم ببعض البلدان العربية التي تعرف ثورات وانتفاضات شعبية، واصفا ذلك ب “الشتاء العربي”، في إشارة لتسمية الربيع العربي التي أطلقها عليها البعض. كما اعتمد بودوس الذي دخل على جمهوره ببدلة أنيقة قاتمة اللون وربطة عنق طيلة العرض، اعتمد في تناوله للمسائل على النكت الظريفة والإيحاءات والمزج بين الأضداد؛ في كوكتال ممتع، مكّنه من إيصال رسائل بلباقة للمتفرج. وتطرق الممثل إلى عدة مسائل سياسية في فرنسا، مثل تنامي العنصرية وكره العرب والمهاجرين والصراعات الداخلية، كما سخِر، كعادته، من أهم الوجوه السياسية في بلاده بطريقته الخاصة، وكان أثناء انتقاله من موضوع لآخر، يلمّح للجمهور عن حبه للجزائر التي وُلد وعاش فيها إلى غاية سن ال16 بالعاصمة ومدن أخرى، منها قسنطينة وعنابة. وكان حنين بودوس وتأثره بتقدمه لهذا العرض بالجزائر التي له فيها الكثير من الأصدقاء، باديا؛ سواء في ملامحه أو حديثه المفعم بمشاعر الاشتياق لمسقط رأسه، الذي لم يزره منذ 20 سنة، كما قال مضيفا على سبيل المزاح: “لم تصلني أي دعوة”. كما حمل هذا العرض الذي أنتجته “كارافان بروديكسيون “، الكثير من الرسائل التي تدعو إلى المحبة والتقارب بين الشعوب ونبذ الكراهية والعنف، وتطرق أيضا في العرض الذي قُدم في شكل سكاتشات خاصة في اللوحة التي سماها “معرض الصحافة”، لعلاقته بأمه وزوجته وأيضا علاقته بالنساء الأخريات، مستعرضا، بجرأته المعهودة، مسائل أخرى لا تقل أهمية. وخلص هذا الفنان من وراء ثقل 50 سنة من العمل الكوميدي والعروض الفكاهية وهو يستعد لتوديع العرض الفردي في محطة الجزائر، إلى أن الفنان “يسعد ويُمتع الغير، كما أنه يستمتع أيضا بما يقدّم”. وأعرب بودوس في ختام العرض الذي حضرته وزيرة الثقافة خليدة تومي، عن سعادته لوجوده بالجزائر وعن مدى تأثره بتقديم هذا العمل أمام جمهور ذواق يتجاوب مع أهم لحظات العرض، الذي أعاده على الحضور أمس، وسيعيده اليوم أيضا بقاعة ابن زيدون. وُلد غي بودوس وهو فنان فكاهي وممثل وسيناريست فرنسي بالجزائر العاصمة في 15 جوان 1934، وبدأ مسيرته الفنية في 1965، لكن بعد فترة في المسرح الغنائي انتقل إلى العروض الفكاهية الفردية، وله أيضا أعمال في المسرح والسينما، ومن مشاريعه، حسبما صرح مؤخرا، فيلم من إنتاج جزائري فرنسي، يتقاسم فيه البطولة مع الفنان محمد فلاق.