انبهار الفنانة التشكيلية فريال قوادرية بملكة سبأ التي عُرفت بحكمتها وجمالها وحبها للعلم، ترجمته من خلال معرض خصّصته لهذه الشخصية، فرسمتها في 37 لوحة تعرض حاليا برواق ”آر فور يو” بالعاصمة تحت عنوان ”ملحمة بلقيس”. لم يكن اختيار الفنانة التشكيلية فريال قوادرية لملكة سبأ في معرضها الذي تقيمه في الفترة الحالية برواق ”آر فو يو” اعتباطيا، بل جاء في قمة الحكمة، باعتبار أنّ هذه الشخصية دخلت التاريخ من بابه الواسع، إذ جاء ذكرها في الكتب السماوية ومن بينها القرآن في سورة ”النمل”. حاولت الفنانة من خلال معرضها هذا، تقديم أوجه مختلفة لملكة سبأ التي عاصرت زمن سيدنا سليمان عليه السلام واحتكت به، من خلال دعوة الجمهور بغية الولوج إلى عالم ساحر واستعمالها لألوان متنوّعة يغلب عليها اللون الأزرق، لتتمكّن من استرجاع الماضي السحيق بإضفاء جمالية على اللوحات التي تبرز الملكة بكلّ تجلياتها. ها هي بلقيس تبتسم في لوحة وفي أخرى تتوسّط نساء أخريات وفي ثالثة تظهر كأنّها تفكّر في أمر ما ستجد له حلا بحكمتها التي عُرفت بها، وفي هذا السياق، اختارت الفنانة تقنية ”الزركشات” من ناحية الألوان والأشكال الهندسية، من خلال التعبير بأسلوب تجريدي عن الأسرار التي تحيط بهذه الشخصية الشهيرة والغامضة في آن واحد. اعتمدت الفنانة في أغلب لوحاتها على الفن المائي (الأكوارال)، واستعملت أحيانا تقنية مزدوجة، لتعبّر عن احترامها وتعلّقها بملكة حكمت بلدها منذ 3 آلاف سنة خلت، لتدعو الجمهور إلى القيام برحلة عبر زربية نسجتها الشخصية الأسطورية شهرزاد، إلى عالم بلقيس وسليمان الحكيم. رسمت فريال لوحات ”الهدهد”، ”كنز مكيدة”، ”ليلة الفرح”، ”القافلة الزرقاء”، ”جبل العجائب”، ”المملكة الضائعة”، ”جنة الغزلان”، ”الأمل المطهر”، ”النص المقدس”، ”القمر الأحمر”، ”ضيوف سليمان” ”قافلة البخور”، ”كاسيوبي”(كوكبة ذات الكرسي) وغيرها. ورسمت الفنانة في لوحة ”ليلة فرح” ملكة سبأ شامخة تقف بحزم، وتظهر امرأة أخرى كأنّها تقع في جوف ملكة سبأ، ترتدي ثوبا شبيها بالشخصية الأصل، أمّا في لوحة ”ضيوف سليمان” فتظهر الملكة في قمة سرورها وسط خربشات جميلة، في حين حملت لوحة ”طهارة اللمعان” الكثير من الألوان اللامعة وفي مقدّمتها اللون الأصفر، كأنّ بلقيس تحتفل في جوّ مصفر تخالطه الخضرة. أما لوحة ”النفس المميّزة”، فجاءت بألوان باهتة، ومع ذلك، ظهر على بلقيس الجمال، بينما لوحة ”الأمل المطهّر” تظهر بلقيس مكلة سبأ جالسة وحولها امرأتان، فهل هما أيضا نسخ من بلقيس؟ أمّا لوحة ”الحدائق” فعكست عنوانها فعلا من خلال جوّ الراحة والفرح التي تغمرها. للإشارة، فريال قوادرية فنانة تشكيلية من مواليد 1966 بقسنطينة، خريجة مدرسة الفنون الجميلة بعاصمة الجسور المعلقة والجزائر العاصمة وباريس، لديها شهادة أنفوغرافيا وميلتيميديا، كما نظّمت العديد من المعارض الفردية منذ 27 سنة في الجزائر وفرنسا.