أعلن الوزير الأول، عبد المالك سلال، أمس، توافق أطراف الثلاثية المشكلة من الحكومة والنقابة وأرباب العمل حول ضرورة إضفاء ديناميكية جديدة على الاقتصاد الوطني، مجددا بالمناسبة التزام الحكومة التي تعتمد في تسييرها على النظرة البراغماتية التي تخدم المواطن وتشركه في جهود التنمية، بالاستمرار في دعم الطابع الديمقراطي والاجتماعي للدولة الجزائرية. وأشار الوزير الأول في مداخلاته خلال أشغال الثلاثية التي جمعت الحكومة والاتحاد العام للعمال الجزائريين ومنظمات أرباب العمل، فضلا عن جامعيين وخبراء وطنيين في الاقتصاد، إلى أن إجماع الأطراف الثلاثة التي عملت في إطار الأفواج الخمسة على وضع آليات دعم النمو الاقتصادي والاجتماعي وترقية الإنتاج الوطني، على ضرورة وضع حد للتبعية للمحروقات وتنويع مصادر خلق الثروة ومناصب الشغل، يؤكد التزامها بالعمل على إضفاء حركية جديدة على الاقتصاد الوطني، وتحقيق اندماجه في الاقتصاد العالمي، لاسيما عبر ترقية العلامة الجزائرية وتشجيع تنافسيتها في السوقين الوطنية والدولية. كما أبرز السيد سلال الاتفاق الحاصل بين الشركاء على الاستمرار في تعزيز اقتصاد السوق الاجتماعي الذي تتواصل فيه التحويلات الاجتماعية لدعم الطبقات المحرومة، قائلا في هذا الصدد "نرفض الليبرالية المتوحشة"، كما أوضح في نفس السياق بأن الحكومة الجزائرية "براغماتية" وهدفها إشراك كل الجزائريين في مسار تطوير الاقتصاد الوطني، مجددا تأكيده على أن "الجمهورية الجزائرية التي تظل ديمقراطية واجتماعية، ستواصل مهمتها في الدفاع عن ذوي الدخل الضعيف". وبعد أن أكد بأن الجزائر التي تمكنت في 2013 من ضمان استقرارها على الصعيدين النقدي والمالي عازمة اليوم على مواصلة جهودها لصالح التنمية والإنتاج الوطني وتحسين مناخ الاعمال، دعا الوزير الأول جميع الجزائريين إلى نبذ التشاؤم المفرط، والثقة في القدرات التنموية الهائلة التي تزخر بها البلاد، مقدرا في هذا الصدد بأن الجزائر بحاجة في الوقت الحالي إلى أسس للإنتاج والنمو وجعل بروز الاقتصاد الوطني يحظى بالأولوية، عبر وضع قواعد اقتصاد منتج وناجع ومتنوع وأقل تبعية للمحروقات. وجدد السيد سلال في هذا الإطار التزام حكومته بمواصلة الجهود التي شرعت فيها في إطار تحرير المبادرات العمومية والخاصة وتشجيع الاستثمار المنتج ودعمه وتسهيله على حساب النشاطات التجارية والمضاربة. من جانبه، سجل الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين، عبد المجيد سيدي السعيد، إجماع الشركاء حول وجوب إعادة تقويم الصناعة والإنتاج الوطني، بفضل التصور الجماعي المسؤول الذي أرسته أطراف الثلاثية وديناميكية الثقة التي تكرست فيما بينها، مشيدا بالمناسبة بإرادة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة في دفع الاقتصاد الوطني وتنميته "من خلال قرارات تم التعبير عنها في مختلف برامجه التنموية التي أعادت تصميم الصورة الاقتصادية والاجتماعية للجزائر بشكل جذري". وفيما شدد على أهمية وضع هذا التقويم الصناعي ضمن مسار ثابت وبعيد عن ظاهرة الاستيراد، أوضح سيدي سعيد أنه بالنظر إلى عدم استقرار البيئة الدولية يبقى من الضروري دفع وتعزيز قدرات المؤسسات الوطنية العمومية والخاصة من خلال تكثيف وتنويع الاستثمار المنتج وإدخال ثقافة استهلاك المنتوج الوطني. ونوه المتحدث بجو الحوار الذي يسود العمل بين النقابة وشركائها من سلطات عمومية وأرباب عمل، أكد بأن الاتحاد العام للعمال الجزائريين القادر على شن الإضرابات، من اجل التعبير عن مطالبه الملحة، أصبح يفضل سياسة التشاور والتعامل الهادئ الذي يهدف إلى بناء الجزائر وليس هدمها. وفي حين أثنى ممثلو جمعيات وكنفدراليات أرباب العمل التي شاركت في اللقاء، على أسلوب التشاور والحوار المعتمد بين الأطراف الثلاثة، وأشادوا بالنتائج المتوصل إليها في إطار أفواج العمل المشتركة، أبرز الخبراء المتدخلون في الاجتماع أهمية ايلاء عناية خاصة بجانب التطوير التكنولوجي للاقتصاد الوطني، واستغلال الوسائل العلمية المتطورة للمعرفة في إنجاح سياسة التقويم والترشيد التي تتطلع إليها الجزائر لتحقيق وثبة اقتصادية واجتماعية حقيقية.