يرتقب أن يعزز العقد الوطني الاقتصادي والاجتماعي للنمو الذي وقعت عليه أطراف الثلاثية في اجتماع دورتها ال16، أمس، علاقة الثقة القائمة بينها، ويقوي معالم السلم والاستقرار الاجتماعيين ويفضي إلى حركية نمو مستقرة في جو من التشاور والحوار الدائمين، فيما ينتظر أن تستفيد فئات معتبرة من العمال الجزائريين بداية من سنة 2015 من زيادات في الأجور مترتبة عن إعادة بناء مفهوم الأجر الوطني الأدنى المضمون المحدد حاليا ب18 ألف دينار، بإلغاء المادة 87 مكرر من القانون 90/11 المنظم لعلاقات العمل وإعادة صياغتها من جديد. ويهدف العقد الوطني الاقتصادي والاجتماعي للنمو الذي تم التوقيع عليه بالأحرف الأولى من قبل الوزير الأول، عبد المالك سلال، ممثلا للحكومة، وكذا الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين ورؤساء منظمات أرباب العمل إلى تسريع وتيرة الإصلاحات الاقتصادية وتنمية الأنظمة الاجتماعية، على غرار نظام الصحة وتشجيع الحصول على مناصب العمل وتعزيز الشراكة وتأهيل المؤسسات، فضلا عن إقرار مناخ أعمال مشجع وتسهيل الاستثمار والتقليص من الآثار السلبية للاقتصاد الموازي. وطبقا للتوصيات التي تضمنها قرار استحداث هذا العقد الذي يأتي لإثراء العقد الوطني الاقتصادي والاجتماعي الذي وقعته أطراف الثلاثية في أكتوبر 2006، وحظي بإشادة كبيرة من قبل الهيئات الدولية والإقليمية الاجتماعية على وجه الخصوص، فإن هذا الميثاق المشترك الذي سيعمل دون شك على تأطير وتمتين العلاقة التي تجمع الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين بالسلطات العمومية، تم تحديد أجال تنفيذه ب5 سنوات قابلة للتمديد، مع تكليف لجنة خاصة بالمتابعة بإجراء تقييمات دورية لما يتم تطبيقه في الميدان، وذلك بغرض تحديد مسؤليات كل طرف من الأطراف الثلاثة في تجسيد المساعي والجهود الوطنية المشتركة المتضمنة في هذه الوثيقة، وفي مقدمتها الإسهام في توفير ظروف مشجعة للاستثمار والنشاط الاقتصادي، الالتزام بالدفاع عن الحقوق الاجتماعية للعمال وحمايتها، والاستفادة من التسهيلات والمرافقة اللازمة لدعم أدوات الإنتاج التابعة للقطاعين العمومي والخاص. وتزامن التوقيع بالأحرف الأولى على العقد الاقتصادي والاجتماعي للنمو، بإقرار أطراف الثلاثية الموافقة على أحد أبرز المطالب التي ناضلت من أجلها المركزية النقابية في السنوات الأخيرة، والمتمثل في إعادة صياغة مفهوم الأجر الوطني الأدنى المضمون المحدد منذ اجتماع الثلاثية لسنة 2010 ب18000 دينار، وذلك بتصحيح تركيبة ومكونات هذا الأجر الوطني بشكل يسمح بفصل العلاوات والمنح من القيمة المحددة له. ووفقا لما أعلنه الوزير الأول، عبد المالك سلال، فإن مطلب إلغاء المادة 87 مكرر التي تحدد مفهوم الأجر الوطني الأدنى المضمون، تمت الاستجابة له في إطار توصيات الفوج المشترك الذي تكفل بدراسة هذا الملف، الأمر الذي سيفضي إلى إعادة وضع تعريف جديد لهذا الأجر الأدنى المضمون، الذي سيسري تطبيقه مع صدور قانون المالية لسنة 2015، وذلك بغرض تمكين المؤسسات من توفير الشروط المواتية لتنفيذه. ومن المرتقب أن تفضي عملية إعادة بناء تركيبة الأجر الوطني الأدنى المضمون الذي يشمل حسابه حاليا حصص المنح والعلاوات، إلى إقرار زيادات في الأجور لفائدة فئات معتبرة من العمال، وهي الزيادات التي ستترتب عنها أثار مالية ينتظر أن تقوم الدولة بتغطيتها عبر موارد الخزينة العمومية. ومن شأن هذا الإجراء الذي يصب في صالح الطبقة الشغيلة تعزيز الحد الأدنى للأجور وتدارك أجور العمال من الفئات المهنية الدنيا، كما يسمح للمؤسسات بالتعامل بمزيد من المرونة في مكافأة مردود العمال، على حد تأكيد الوزير الأول.