كشف مصدر مسؤول أن لقاء الثلاثية المقرر شهر سبتمبر المقبل، مثلما أعلن ذلك الوزير الأول عبد المالك سلال، سينتهي إلى إجراء تعديلات على المادة »87 مكرر« بدل إلغائها، وهو ما سيُمكن عشرات الآلاف من العمال في قطاع الوظيف العمومي والقطاعين الاقتصادي العام والخاص من الاستفادة بزيادات طفيفة في الأجور، علما أن الاتحاد العام للعمال الجزائريين والنقابات المُستقلة رافعت منذ سنوات لصالح إلغاء هذه المادة. بداية يجب التوضيح بأن المادة »87 مُكرر« تنص على أن الأجر الوطني الأدنى المضمون يشمل الأجر القاعدي والعلاوات والتعويضات باستثناء التعويضات المدفوعة لتسديد المصاريف التي دفعها العامل، وهي مادة أُدخلت على قانون العمل سنة 1997 بعد المشاكل التي أنتجتها سياسة التعديل الهيكلي التي فرضها صندوق النقد الدولي على الجزائر بداية من سنة 1994 والتي تسببت في غلق أكثر من 1200 مؤسسة اقتصادية عمومية وتسريح ما يزيد عن 400 ألف عامل، ومعلوم أن إلغاء هذه المادة سيُمكن آلاف العمال بقطاع الوظيفة العمومية والقطاعين الاقتصادي العمومي والخاص من الاستفادة من زيادات متفاوتة في أجورهم، لكن الأهم من ذلك هو أن إلغائها أو حتى تعديلها سيكون له فائدة على العمال مستقبلا في أي قرار قد يُتخذ بخصوص رفع الأجر الوطني الأدنى المضمون أو أي زيادات في المنح والعلاوات. وحسب المصدر الذي تحدث إلينا، فإن الاقتراحات التي رفعها فوج العمل المُشترك الذي كُلف بهذا الملف في إطار لقاء الثلاثية الذي عُقد شهر سبتمبر من سنة ,2011 تشمل مقترح إلغاء هذه المادة بشكل نهائي وهو اقتراح رُفض من بعض الأطراف خلال اللقاءات العديدة التي جمعت الفوج المذكور، إضافة إلى مقترح آخر يشمل تعديل المادة عبر عدم احتساب بعض المنح والعلاوات والإبقاء على أخرى خلال عملية حساب الأجر الوطني الأدنى المضمون المُقدر حاليا ب18 ألف دج، ناهيك عن اقتراح ثالث يتضمن عدم احتساب بعض المنح والعلاوات التي أقر المقترح الثاني حسابها والإبقاء على منح أخرى، مع العلم أن الفوج عكف كذلك على حساب الأثر المالي الذي يُكلف كل عملية سواء الإلغاء أو التعديل، وهي اقتراحات رُفعت على طاولة الوزير الأول منذ أشهر. ويُؤكد مُحدثنا أن عملية إلغاء هذه المادة تُكلف الخزينة العمومية غلافا ماليا معتبرا ما جعل ممثلي الحكومة يرفضون رفضا قاطعا هذا المقترح خلال الاجتماعات المنعقدة موضحا بأن لقاء الثلاثية المقبل سيُناقش المقترحين الآخرين أي تعديل المادة بشكل أو بآخر دون إلغائها، وكان من المُقرر إلغاء »87 مكرر« ضمن قانون العمل الجديد، لكن التدهور الذي تشهده القدرة الشرائية للمواطنين بسبب الارتفاع المتواصل في مختلف الأسعار دفع الحكومة إلى إعادة النظر في هذا الملف، ومنه، التعجيل في مراجعة هذه المادة باعتبار أن قانون العمل الجديد لم يتم الفصل فيه بصفة نهائية. ومن هذا المنطلق لجأ وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي الطيب لوح خلال التصريحات التي أوردها أول أمس إلى استعمال كلمة »مراجعة هذه المادة« وتفادي كلمة »إلغاء« مشددا على أنها »لا تساعد عمل الحكومة المتعلق بزيادة الأجور وتخلق الكثير من المشاكل«، وهي تصريحات سبقتها أخرى أكد فيها أن بقاء »87 مكرّر« في قانون العمل ساري المفعول »لم يعد ممكنا«، مبرّرا هذا الموقف بكون »هذه المادة تخلق إشكالا في سياسة الأجور«، وذهب يقول »من غير المقبول بقاء التقارب في الأجور بين مختلف الفئات«. ويعود مطلب إلغاء المادة »87 مكرر« إلى عدة سنوات، بحيث وصل الأمر بالاتحاد العام للعمال الجزائريين سنتي 2004 و2005 إلى حد وضع هذا الملف على رأس أولوياته لكنه لم يتمكن من إلغائها بحيث رفضت الحكومة في لقاء ثلاثي هذا المطلب بحجة أن إلغاءها يُكلف الميزانية العمومية 540 مليار دج ويؤدي إلى الإفلاس الفوري ل70 بالمئة من المؤسسات العمومية، وهو أمر يختلف تماما في الوقت الحالي بما أن الأجر الوطني الأدنى المضمون ارتفع من 10 آلاف دج آنذاك إلى 18 ألف دج حاليا، ما يعني أن الغلاف المالي جراء إلغاءها سيكون أكبر ويُبرر من جهة أخرى سبب لجوء الحكومة إلى مقترح التعديل بدل الإلغاء.