أكد رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، أنه لن يدّخر أي جهد لدعم حرية التعبير وتوسيعها "على النحو الذي يتيح توفير مزيد من الفضاءات لها، ليس في مجال الحريات العامة فحسب، بل في مجالات التنمية البشرية، وفي المجالات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية ومجالات العلوم والمعارف كذلك". وشدد على أنه يحرص ويسهر على "أن تمارس حرية التعبير والصحافة بعيدا عن أي ضغط أو أية وصاية أو أي تقييد، اللهم إلا ذلك الذي يمليه الضمير المهني، أو المنصوص عليه صراحة في القانون"، واعدا بأن لا يمس بهذه الحرية "قيد أنملة". وأبرز الرئيس بوتفليقة، في رسالة وجهها إلى العاملين في قطاع الاعلام، بمناسبة إحياء اليوم العالمي لحرية الصحافة، الموافق للثالث ماي من كل عام، أهم ملامح البرنامج والاصلاحات التي ستشمل هذا القطاع في السنوات الخمس القادمة، والتي تكمّل تلك التي تم الشروع فيها منذ سنوات. في السياق قال رئيس الجمهورية، إن ما أقدم عليه من إصلاحات لم ولن يمس بحرية التعبير قيد أنملة، مشيرا إلى أن الاستثناء هنا "يخص ما توجبه قواعد المهنة أو ما يرتبط بحقوق الإنسان، وبالأمن القومي أو المصالح العليا للأمة". وأوضح في السياق أنه يلقي على عاتق الدولة مسؤوليات جديدة بالنسبة لحماية هذه الحرية من أي انسياق إلى التجنّي بالقذف والأراجيف، أو أي إجحاف في حق المواطن أو الطعن في المؤسسات الدستورية، مشيرا في السياق إلى ان الدولة لن تتوانى في هذا المجال عن "ممارسة كامل صلاحياتها، من خلال سن التشريع والتنظيم لضبط ممارسة حرية الصحافة، وتأطيرها بالتساوق مع المعايير والمقاييس المعمول بها عالميا". وإذ ذكر بأن الاحتفال بهذا اليوم يأتي بعد أيام قلائل من تجديد انتخابه رئيسا للجمهورية"، على أساس برنامج تعهدت فيه بمواصلة تعزيز حرية الصحافة في بلادنا"، فإنه اعتبر أن الالتزامات التي تعهد بها في مجال حرية الصحافة والتعبير "تشهد تطبيقا تدريجيا وفعليا منذ صدور القانون العضوي للإعلام قبل سنتين". وقال بأن الأخير مهد لصدور القانون المتعلق بالنشاط السمعي البصري مطلع هذا العام، وهو "القانون الذي وضع لأول مرة في تاريخ بلادنا، إطارا قانونيا للفاعلين في هذا النشاط من القطاعين العام والخاص". ووعد بمواصلة المسار التشريعي والتنظيمي المتوخى منه استكمال المنظومة القانونية التي تحكم النشاطات ذات الصلة بقطاع الاتصال في غضون هذا العام "بشكل مكثف"، خاصا بالذكر "تلك المتعلقة بتنظيم مهنة الصحافة والمهن المرتبطة بها، وبهيئات الضبط المؤهلة، وتلك المتعلقة بالإشهار وسبر الآراء". لكنه شدد على أنه سيحرص أن يتم ذلك بإشراك أصحاب المهنة وذوي الاختصاص والخبرة، واستشارتهم لبلوغ أوفى قدر ممكن من التوافق والإجماع. كما جدد الالتزام بمواصلة دعم حق المواطن في الإعلام ب«إصدار النصوص التشريعية والتنظيمية الكفيلة بضمان ممارسته حقه هذا المكرّس دستوريا". ووعد الرئيس، كذلك برصد الموارد المالية اللازمة في برنامج الحكومة الخماسي 2014-2019، لإنجاز المنشآت والتجهيزات الكفيلة بضمان الإشعاع الإعلامي بمختلف أشكاله، وبتسخير ما تحقق من تطور في مجال تكنولوجيات الإعلام والاتصال. وقال في الاطار إن الدولة ستعمل على "تعزيز الخدمة العمومية الإذاعية والتلفزية واستمرارها بحيث تتماشى مع مقتضيات الساعة، وعلى إعادة تأهيلها لأداء دور ريادي يرقى بها إلى مصاف نظيراتها في العالم"، مؤكدا على مواصلة الدولة تقديم "الإعانات للعاملين في قطاع الإعلام"، ولهذا دعا الحكومة إلى صياغة الآليات القانونية التي تمنح وفقها هذه الإعانات "في كنف الشفافية والإنصاف". كما طالب الحكومة بإعداد خطة للتكوين تندرج في مخطط عملها "اعتبارا من السنة الجارية إلى سنة 2019 يتم تنفيذها سنويا، وتشمل إلى جانب مهن الصحافة، كل المهن ذات الصلة بالاتصال"، بما يسمح بتأهيل كل أسلاك العاملين لمواكبة مقتضيات التطور التكنولوجي، والاستجابة للحاجيات المتزايدة في مجال الإنتاج الإعلامي والسمعي البصري. وسجل رئيس الجمهورية، أن هذا الجهد تفرضه "حتميات واقع تطور منظومة الاتصال في بلادنا" التي سجلت خلال العامين الماضيين، تضاعف عدد الوسائط الإعلامية في مجالات الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية والإلكترونية. ومن هذا المنطلق عبّر عن اقتناعه بأن رهانات عالم اليوم "تفرض علينا جميعا وفي المقام الأول على العاملين في قطاع الاتصال، التقيد بأخلاقيات المهنة ومراعاة قواعدها وضوابطها المنصوص عليها في منظومتنا القانونية الوطنية، والمتطابقة مع ما هو معمول به في الأنظمة الديمقراطية". وقال إن الغاية المتوخاة هي "الارتقاء بمنظومتنا الوطنية للاتصال إلى مستوى تطلعات مجتمعنا، بما يخدم مصالحه العليا ويلبي حاجياته المتزايدة، في كنف الحرية والمصداقية والاستقرار، وبعيدا عن كل مظاهر التنافر والتجنّي على هؤلاء وأولئك". وأكد في هذا الصدد أنه يقع على عاتق الصحافة ووسائل الإعلام "في الظروف التي هي ظروف بلادنا"، أن تتولى مهمة "المرافقة والمساعدة" في دعم ديمقراطيتنا على نحو "موضوعي وبيداغوجي". وقال إن "مستقبل الديمقراطية في بلادنا يرتكز على الصحافة الحرّة ذات الكفاءة المهنية الغيورة على المصلحة الوطنية والمتشبّعة بروح المسؤولية". واغتنم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، إحياء اليوم العالمي لحرية الصحافة ليحيي العاملات والعاملين في حقل الإعلام والاتصال، معبّرا لهم عن خالص تقديره لعطائهم المشهود في سبيل ترقية حرية الصحافة في بلادنا. وشد على أيديهم مؤازرا لهم فيما يبذلونه من جهود محمودة تجسيدا للمثل السامية "التي يدعو إحياء هذا اليوم إلى اعتناقها والعمل بها".