انطلقت مؤخّرا احتفالية العيد الثاني عشر لقصر ورقلة العتيق، التي تنظمها لجنة التراث المادي وغير المادي لجمعية ”القصر للثقافة والإصلاح” بورقلة، وتميّزت وقائع افتتاح هذه التظاهرة الثقافية التي تحمل شعار ”قصر ورقلة، تراث وأصالة وتواصل” بتنظيم حفل فني شاركت فيه فرق فولكلورية محلية، على غرار فرقة ”قرقابو” التي أتحفت الحضور بأهازيجها ورقصاتها المتنوّعة، إلى جانب فرقة ”الخيالة” التي واكبت الحفل بطلقات البارود . وجرى تنظيم عدة معارض بمحيط القصر وعلى مستوى مقر جمعية ”القصر للثقافة والإصلاح” التي اشتملت على أجنحة في الصناعات التقليدية والحرفية الورقلية، على غرار الأدوات المستعملة في النشاط الفلاحي والأواني المنزلية، إلى جانب عطور الزينة التقليدية التي لا تزال إلى اليوم تسجل حضورها في البيت الورقلي، لاسيما في الأعراس وغيرها من المناسبات الاجتماعية. كما تضمّنت أيضا عرض صور فوتوغرافية وملصقات ووثائق تحتوي على معلومات حول قصر ورقلة العتيق، بدءا من تاريخ نشأته ومختلف المراحل التي مر بها، إلى عمليات التهيئة والترميم التي استفاد منها في إطار إعادة تأهيل هذا المعلم الأثري. ومن المنتظر أن يتواصل برنامج هذه الفعاليات إلى غاية الثامن من شهر ماي الجاري، حيث يتضمّن تخصيص جناح للأكلات الشعبية المحلية التي تختلف أذواقها باختلاف طريقة تحضيرها، بالإضافة إلى إقامة الحفل التقليدي ”لالة منصورة” التي تروي الأسطورة الشعبية بأنّها عروس اختفت بطريقة غامضة يوم زفافها، وتم بالمناسبة، حمل هودج مصنوع من أغصان النخيل، يحتوي بداخله على كافة مستلزمات العروس، حيث ينتهي به المطاف قبالة باب عمر، أين توجد القبة المسماة ”لالة منصورة” التي شيدت تبركا وإعجابا بهذه المرأة التي يصفها سكان قصر ورقلة ب ”المرأة الصالحة”. كما برمج في إطار هذه التظاهرة الثقافية، تنشيط يومين دراسيين حول موضوع ”المرأة في المجتمع الأمازيغي” و«مواد البناء التقليدية واستعمالاتها في التدخّلات الخاصة بالقصر”، فضلا عن القيام بزيارات ميدانية إلى بعض المشاريع التي توجد في طور الإنجاز وتخص إعادة تأهيل قصر ورقلة العريق، كما أوضح المنظمون. تجدر الإشارة إلى أنّ قصر ورقلة القديم الذي يتربع على مساحة إجمالية قوامها 30 هكتارا، يعدّ من المعالم الأثرية الهامة بالمنطقة، حيث تذكر بعض المصادر التاريخية أنّ تشييده يعود إلى الفترة النوميدية الممتدة بين القرنين العاشر والسابع قبل الميلاد، في حين ترجعه مصادر أخرى إلى القرون الوسطى الإسلامية. وأطلقت على هذا القصر الذي صنف سنة 1996 كمعلم وطني، ثم ”قطاع محفوظ” سنة 2011، عدة تسميات منها؛ ”واحة السلاطين” و«سلطانة الواحات”، ويضم هذا الفضاء الأثري العريق أكثر من ألفي سكن و18 مسجدا والعديد من الزوايا، كما يشتمل على سبعة أبواب وهي؛ باب عزي، باب عمر، باب السلطان، باب أحميد، باب البستان، باب رابعة وباب الربيع. واستفاد القصر خلال فترات زمنية سابقة من عدة عمليات لإعادة التأهيل، من بينها تلك التي تمت خلال سنتي 2007 و2009 بغلاف مالي قدره 2ر6 ملايين دج، في حين تمّ رصد سنة 2012 مبلغ مالي آخر بقيمة مليوني دينار جزائري، خصص لرفع الردوم والأتربة الناتجة عن السكنات المنهارة، كما شهد هذا المعلم الأثري العديد من الأشغال المتعلقة بترميم أماكن العبادة والواجهات الداخلية والخارجية بهدف حمايته والمحافظة على ديمومته، وفقا لمصالح البناء والتعمير.