تسعى نجوى حسناوي، رئيسة الجمعية الولائية للنهوض بالمرأة بتبسة، إلى المحافظة على تقاليد المنطقة، خصوصا فيما يتعلق بالحياة اليومية داخل المنزل من أكلات شعبية وطريقة تحضيرها وتقديمها على المائدة العائلية. تعمد السيدة حسناوي إلى تقديم الإرث الحضاري لمنطقة الشاوية التي تصفها بالغنية سواء من ناحبة اللباس التقليدي أو عادات الأعراس أو فن الطبخ الثري جدا، إلى جانب الأعشاب التي تدخل في تركيبته أو التوابل التي يحضر بها. تقول حسناوي أن فصل الربيع يشكل احتفالا بالمنطقة، حيث يتميز هذا الموسم بكثرة الأعشاب الصحية التي تستعمل في المطبخ التبسي وتحضير ”البراج” و«الرفيس” لاستقباله. جناح ولاية تبسة بقصر الثقافة، كان بمثابة آلة تنقلنا من مكان إلى آخر، وتوضح معالم البيت التبسي. كما حرصت السيدة حسناوي على إظهارها، حيث كانت الزرابي مبسوطة بألوان خاصة تميز المنطقة، إلى جانب ”القربة” وقعدات القهوة بطقم الصينية وكؤوس الشاي المقدمة مع المكسرات والحلويات الشعبية، وكذا عرض مختلف الأواني التي تستعملها لطبخ الأكلات الشعبية المصنوعة من النحاس الخالص، وبسبب قدمها ظهرت عليها بعض علامات الاسوداد الذي أعطاها الطابع التقليدي. استهلت حسناوي حديثها بإعطائنا بعض الوصفات التقليدية التي ابتكرها الأجداد في المنطقة، وكانت وصفات الخبز هي المشهورة بالمنطقة مثل ”الكسرة الحرشة”، ”كسرة الرخفاس”، ”كسرة الشحمة” والفطائر كلها تتميز برائحة الفحم والزبدة الطبيعية التي تكون حامضة. عرضت السيدة فوق طاولتها العديد من الأطباق والمكونات التي تميز هذا المطبخ، وكانت أنواع الكسكسي أهم ما احتل الطاولة وتختلف أنواعه باختلاف الأعشاب التي تطهى على البخار مع الكسكسي مثل ”البرتشيش”، كسكسي الشعيرو كسكسي القمح. ويحضر طبق الكسكسي المخصص للولائم والأعياد من اللحم والحمص والزبيب فقط دون إضافة الخضر، إلى جانب ذلك يعشق سكان المنطقة طبق ”البركوكس” المعروف في المنطقة ب”بركوكش”، يحضر هذا الأخير ب”القديد” وهو اللحم المجفف، بإضافة ”الكليلة” وهو إكليل الجبل والحمص والفلفل الحار. إن أهم التوابل التي تستعمل في الأكلات الشعبية التبسية هو الفلفل الأخضر المحضر طبيعيا، حيث توضع ”قرون الفلفل الحار” تحت الشمس حتى تجف ويحمر لونها، ثم تطحن جيدا وتحفظ داخل علبة بعيدا عن الرطوبة وتستعمل كبهار لإعطاء المذاق الحار لمختلف الأكلات. كما يستعمل أيضا بكثرة الفلفل الأسود ورأس الحانوت والكروية.. يستعمل المطبخ التبسي أيضا فصوص الثوم بكثرة على شكله الطبيعي أو غبرة، كما أن ميزة هذا الطبخ هي الأعشاب التي تسمى في المنطقة بعشبة ”الورد” وهي مجموعة من الأعشاب الطبيعية وقشور الفواكه التي تقطفها المرأة بيديها حسب الموسم لتجفيفها واستعمالها كمنكهات. من جهة أخرى، قالت السيدة نجوى بأن الحياة البدوية والحضرية مختلفتان، خصوصا أن حياة المدينة أسهل وأريح بالنسبة للمرأة باعتبار أن الأسواق توفر كل شيء على عكس الحياة الريفية التي يعد من الضروري على المرأة الخروج والبحث عما يتم طهيه وتحضير المكونات التي تدخل في مختلف الوصفات. وأضافت المتحدثة أن رغم مشقة ذلك إلا أن له حلاوة خاصة. ولعدم توفر بعض المكونات في بعض المواسم تعمد المرأة البدوية إلى تصبير بعض الخضر، على غرار الجزر المعروف ”بالسنارية” والفلفل .. إلى جانب ذلك، حدثتنا حسناوي عن أكلة مشهورة في المناطق الريفية وهي وجبة فطور الصباح، تتمثل في خبز ”الكسرة” المحضرة على الفحم وتدهن بمربى محضر منزليا مع القليل من الزبدة أو ”دهان البقري”، إلى جانب ”السويكة” وهي نوع من التمور الجافة التي تطحن وتخلط بالحليب، وهي أكلة تضمن بلوغ حد الإشباع لساعات طويلة من اليوم. ولتحضير أكلات الغذاء والعشاء، لا تستعمل المرأة التبسية دائما اللحم، إنما تعمل على أخذ كمية منه مرة في الشهر، ثم تقوم بغليه في الماء والملح والتوابل والقليل من الزيت، فيطحن ويوضع داخل إناء زجاجي ويحفظ في الثلاجة، ليستعمل في تنكيه الأطباق ويعرف ب«المسلي”، وهو قوي المذاق كما لو تم فيه استعمال كيلوغرام كامل من اللحم.