قدّم المخرج بلقاسم حجاج الفيلم الروائي الطويل ”فاظمة نسومر”، استعرض فيه الجانب النضالي لأيقونة الكفاح النسوي في الجزائر، ساقه في مسار خيالي لم يخرج عن الوقائع المثبتة تاريخيا، بهدف إثارة الجمهور وتحريك أحاسيسه، باعتماد تقنيات سينمائية في غاية المهارة وشّحت العمل. وب ”فاظمة نسومر” عاد حجاج إلى الواجهة السينماتوغرافية بعد عقد من الزمن لما أخرج فيلم ”المنارة”. أكد بلقاسم حجاج مخرج فيلم ”فاظمة نسومر”، أنه وجد صعوبات في نقل الوقائع التاريخية التي كانت بطلتها لالة فاطمة نسومر، إلى عمل سينمائي روائي، معترفا بأنه شكّل خللا في التوازن السردي؛ فبين مآثر فاظمة نسومر الروحانية وبطولات الشريف بوبغلة الحربية هناك خيط رفيع، وكان بإمكانه إنجاز فيلمين لكل من هما؛ نظرا لحجم الاهتمام المنصبّ على شخصية بوبغلة. وقال بلقاسم حجاج، عقب عرض فيلمه موجها كلامه للصحافة، إنه وجد صعوبة في خلق التوازن بين الشخصيتين في سياق القصة، فبوبغلة برز بحركته وقتاله، أما فاظمة نسومر فقوّتها كانت في شخصيتها الدينية المتصوفة، فهي تقتفي أثر الطريقة الرحمانية التي تركها جدها. وتجدر الإشارة إلى أن المخرج لم يسلّط الضوء على هذا العامل في نشأة شخصية فاظمة نسومر. وأوضح بخصوص شخصية فاظمة نسومر، أنه اشتغل عليها ليقدمها دون الوقوع في التفاهة، مشيرا إلى أن الفيلم يروي بعض الأحداث التي جرت بمنطقة القبائل في فترة 1849 و1857 وليس كلها؛ كونها تحتمل وقتا أطول، ويرى أن مدة ساعتين كانت ملخصة لأهم الوقائع التي اعترضت فاظمة نسومر. وجمع المخرج فاظمة نسومر وبوبغلة في قصة حب خيالية، لكنه أكد أن حقيقة تاريخية تفيد بأن الشريف بوبغلة طلب يد فاطمة للزواج، لكن الأمر لم يتم بسبب بقائها تحت عصمة زوجها الأول، الذي رفض تطليقها بدافع العرف وحماية الشرف. وقد صاغ بلقاسم حجاج هذه القصة على نحو متماسك، ربط فيها الشخصيتين في نسق واحد. وقد أدت دور فاظمة نسومر الممثلة الفرانكو لبنانية ليتسيا عيدو، وأدى الممثل المغربي أسعد بوعب دور الشريف بوبغلة، بمستوى عال جدا. وأفاد بلقاسم حجاج بأنه اعتمد على شخصية الشاعر ”أزار” بمثابة الراوي؛ حيث أراد التنبيه عن أهمية الثقافة الشفهية التي صمدت في وجه المحتل الفرنسي، الذي عمل على مسح الهوية الجزائرية من أعماقها. وعن موعد خروج الفيلم إلى قاعات السينما في الجزائر، أكد المتحدث أن أمر البرمجة صعب في الوقت الحالي، ويُرتقب أن يكون مع الدخول الاجتماعي شهر سبتمبر المقبل.وذكر المخرج أن مدة العمل دامت 4 سنوات، ستة أشهر كانت للكاستينغ واختيار الممثلين؛ حيث وجد صعوبة في انتقاء شخصياته الرئيسة. وبعد رحلة بحث طويلة لم يجد حجاج من تؤدي دور فاظمة نسومر لا في الجزائر ولا في البلدان المغاربية، ووجد ما يريده بفرنسا لما التقى ليتيسيا عيدو وأُعجب بأدائها، لكن مشكل اللغة الأمازيغية كان عائقا بالنسبة لها إلا أنها سرعان ما تداركته بفضل اجتهادها. وانتهى الفيلم عند حادثة اعتقالها من قبل الجنرال راندون؛ إذ لم يشأ المخرج أن يخوض في مسار آخر عرفته فاظمة نسومر، وركز فقط على مسارها النضالي التحرري ووحدة الوطن ودحض المحتل. من الناحية التقنية، وُفق المخرج بلقاسم حجاج في ضبط مشاهده واختيارها بعناية؛ إذ أبرز جمال طبيعة منطقة القبائل، وثراء ثقافتها وأناقة ملابسها وحليها، وما زادها جمالا الموسيقى الرائعة التي نسجها الموسيقار المعروف صافي بوتلة.