يعاني حوالي مليوني جزائري من التهاب الشُعب الهوائية المزمن بسبب سوء التشخيص والتكفل السيء في المؤسسات الاستشفائية. وقال البروفيسور سليم نافتي، رئيس مصلحة الأمراض الصدرية بمستشفى مصطفى باشا الجامعي؛ إن 3000 شخص يموتون سنويا في الجزائر جراء التهاب الشعب الهوائية التي يعود سببها الرئيسي إلى التدخين، ويشير إلى أن غالبية المرضى يجهلون إصابتهم بسبب طبيعة أعراض الانسداد الرئوي المزمن. السدة الرئوية المزمنة، أو الانسداد الرئوي المزمن مرض غير معروف، الأمر الذي يجعل العديد من المرضى يتجاهلون أعراضه، فعندما يعانى المريض من كحة شديدة يظنها بسبب التدخين، وفي بعض الأحيان يظن أن الأعراض التي يعانى منها ما هي إلا حساسية عابرة، ويجهل تماما أنه قد يكون مرض السدة الرئوية المزمنة التي يمكن أن تؤدي إلى مضاعفات خطيرة تقود بدورها إلى الوفاة إن لم يتم علاجها في وقت مبكر. هذا ما أكده البروفسور سليم نافتي في يوم دراسي حول الأمراض التنفسية، انتظم مؤخرا بالعاصمة تحت عنوان ”مستجدات التكفل بالانسداد الرئوي المزمن في الجزائر”، أشار خلاله إلى أن هذا الأمر يتطلب توعية الشباب بضرورة إجراء فحص دقيق للمرضى من خلال أخذ البيانات بدقة، واعتبار الظروف المعيشية المحيطة بالمريض من أهم أهداف اللقاء الطبي، إضافة إلى توعية المجتمع بمرض الانسداد الرئوي وخطورة مضاعفاته وطبيعته أيضا، ”بسبب عدم الدراية بالمرض، حيث أن من 50 إلى 60% من المرضى يجهلون أمر إصابتهم به”، يقول المختص. من جهة أخرى، يوضح البروفسور نافتي أنه نتيجة الجهل بطبيعة المرض، يخلط الكثيرون بينه وبين الربو بسبب تشابه الأعراض، لكنهما مرضان مختلفان، فالسدة الرئوية عبارة عن التهاب رئوي مزمن يؤدى إلى انسداد القصبات، ومنه انحباس الهواء، أما الربو فهو التهاب مزمن يصيب القصبات الهوائية للرئتين ويحدث نتيجة وجود حساسية شديدة في القصبات بسبب بعض الحساسيات التي يتعرض لها المرضى، ”السدة الرئوية مزمنة، أما الربو فيحدث نتيجة التعرض للحساسية ”، يقول المختص، وألح على ضرورة إجراء تشخيص مبكر لهذا المرض لتفادي التعقيدات، على غرار العجز التنفسي. ويعد التدخين السبب الأكثر شيوعا للأمراض الصدرية المزمنة، ومنها السدة الرئوية، لكن المرض الأخير يمكن أن تكون له أسباب أخرى عديدة مثل التلوث، الغبار والمواد الكيميائية في أماكن العمل أو مرض سابق الوجود، مثل الربو المزمن. وحسب الإحصائيات الأخيرة لمنظمة الصحة العالمية، فإن 210 مليون شخص في العالم يعانون من الانسداد الرئوي المزمن، وهو رقم في ارتفاع متزايد وآثاره على النظام الصحي والمرضى وكذا المجتمع ستكون بالغة. كما تشير الارقام إلى أن انتشار مرض السدة الرئوية المزمنة في الدول الأوروبية يتراوح بين 4 و10% من السكان، أما في الولاياتالمتحدةالأمريكية، فيصيب أكثر من 16 مليون شخص. وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فإن أرقام دراسة ”تنفس” برعاية مخابر ”جي اس كا” التي أجريت عام 2012، تشير إلى إصابة 13 مليون شخص ببلدان المنطقة العربية. وتتوقع منظمة الصحة العالمية أن يكون هذا المرض ثالث أكبر أسباب الوفاة على مستوى العالم بحلول عام 2030. وتبقى الأرقام تحفظية بسبب تفشي التدخين والشيشة (النارجيلة) مبكرا وسط المراهقين والشباب، مما يجعلهم معرضين لخطر الانسداد الرئوي مبكرا. جدير بالذكر أن المشاركين في اليوم الدراسي أوصوا بوضع برنامج وطني لمكافحة الأمراض التنفسية، لاسيما انسداد القصبات الهوائية المزمن، مع وضع برنامج للتكفل بهذه الأمراض الصدرية لإجراء تشخيص مبكر ومكافحة عوامل الخطر، ناهيك عن أهمية وضع الأدوات الضرورية للتشخيص تحت تصرف الأطباء. علما أن دراسة حول العوامل المتسببة في الإصابة بهذا المرض المزمن في طور الإنجاز من قبل فريق من الأخصائيين الجزائريين بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي.