وثيقة مسوّدة التعديلات المقترحة للدستور التي أعدتها مجموعة من الخبراء هي الآن، بين أيدي الشركاء من شخصيات وطنية وأحزاب سياسية ومنظمات وطنية، للاطلاع عليها والإسهام في إثرائها لتقديم اقتراحاتهم خلال اللقاءات التي ستجري في جوان المقبل. هذه المبادرة تؤكد حرص الرئيس بوتفليقة، على الوفاء بما وعد به خلال حملته الانتخابية، إذ كان تعديل الدستور من بين أولويات برنامجه الانتخابي. كما أن حرصه على إشراك الشركاء في إعداد هذه الوثيقة يعكسه توجيه الدعوات ل150 جهة معنية، ممثلة في الأحزاب والشخصيات الوطنية والمنظمات والجمعيات، بالإضافة إلى بعض الكفاءات الوطنية. وقد رحبت معظم الأحزاب الوطنية بالدعوة التي تلقتها للمشاركة في المشاورات الواسعة لإعداد دستور توافقي ديمقراطي وفق اقتراحات الأحزاب والهيئات والمنظمات دون قيد أو شرط، باستثناء الثوابت الوطنية التي لا يجب أن يمسها أي تعديل وكذا القيم والمبادئ، أما ماعدا ذلك فهو قابل للتعديل مثل عدد العهد الرئاسية، والفصل بين السلطات وتعزيز استقلالية القضاء وكذا الحريات بأشكالها. إن الرئيس بوتفليقة، بمبادرته بمسوّدة الاقتراحات يكون قد بدأ بتجسيد أحد التعهدات الانتخابية، وهو تعديل الدستور الذي بدون شك سيسمح بالإسراع في تجسيد تعهدات أخرى تتعلق بالإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. والكرة الآن في ميدان الشركاء ليحسنوا استغلال هذه الفرصة، والإسهام بكل صدق ونية حسنة في صياغة القانون الأساسي للبلاد، خاصة وأن معظم الأحزاب السياسية سبق وأن طرحت إصلاحات تحقيقها مرهون بتعديل الدستور، كالفصل بين السلطات وتعزيز الحريات وغيرها من الاقتراحات التي أطلقت سواء خلال الحملة الانتخابية للرئاسيات الماضية أو خارجها. فالرئيس الذي فوضه الشعب بتعديل الدستور من خلال منحه الأغلبية الساحقة، حريص على إشراك كل الفاعلين في المجتمع على اختلاف انتماءاتهم وطبيعتهم لإعداد دستور ديمقراطي يكون زبدة اقتراحات الجميع، ويعكس انشغالات الأغلبية الساحقة ولا يغفل مصالح الأقلية في المجتمع. وعليه، فإن المعنيين أمام مسؤولية تاريخية تفرض عليهم التحلّي بروح المسؤولية العالية، والإسهام بكل فعالية في إنجاح هذه المبادرة وصياغة دستور البلاد.