أشارت رزيقة بوغلماني، رئيسة الجمعية الثقافية والسياحية والصناعة التقليدية ”كنوز” لولاية البليدة، إلى أن الهدف من تأسيس هذه الجمعية هو المحافظة على معالم التراث الجزائري وحث السيدات على تعلم الحرف التقليدية التي تعكس الشخصية الوطنية، على غرار الطبخ التقليدي والخياطة ك”غرزة الحساب، الشبيكة، المجبود، الفتلة، غرزة القفل والغارغاف”... تعمل الجمعية أيضا على تنظيم خرجات للترويج السياحي والتبادل الثقافي عبر الولاية، للتعريف بكل العادات والتقاليد التي تزخر بها البلاد. وتهتم السيدة رزيقة بتلقين فنون الطبخ التقليدي البليدي الذي يتمتع هو الآخر بخصائص تميزه عن باقي الأطباق الشعبية للولايات المجاورة، لاسيما من حيث الذوق، رغم وجود بعض نقاط التشابه مع الطبخ العاصمي. ومن أهم الأطباق التي تزخر بها البليدة؛ طبق ”الحمامة”، وهو كسكسى يفتل مع 99 عشبة طبيعية، تقوم النسوة عامة بجمعها من مختلف الأشجار الطيبة والنباتات الصحية التي تعد من جهة طيبة النكهة وصحية في آن واحد، كما تقي من العديد من الأمراض، خاصة الرشح والحساسية، آلام المفاصل، ضغط الدم والسكري. ويعد هذا الطبق بمثابة ”تطعيم سنوي” لسكان البليدة من مختلف الأمراض. ومن أهم الأعشاب التي تكونه؛ الحلحال، أوراق التوت، الكرز، جوز الرعيان، الضرو، الزيتون، لويزة ، مريوث، الزعفران، الزعتر، الحلبة، العرعار والعلايق. وتؤكد بوغلماني أن عائلتها لا تزال تحافظ على عادات وتقاليد أجدادها، حيث تجمع هذه الأعشاب أو تشترى محضرة على شكل ربطة أو حزمة من السوق، وتعرضها النساء للبيع بثمن بسيط لا يتعدى 20 دج، ثم تنقى وتغسل جيدا ويتم تجفيف بعضها حسب الرغبة، وتفتل مع الكسكسى الذي يأخذ اللون البني الغامق، ثم يطبخ على البخار ”يفور”. وتشير السيدة رزيقة إلى أن نبتة ”شجرة مريم” و”بونافع” من أهم الأعشاب التي توضع في ماء القدر الذي يفور فوقه الكسكسي، وعند طهيه، يدهن بزيت الزيتون ويزين بالسكر الناعم، ويرفق باللبن أو الرايب. وتقول رئيسة الجمعية بأن سكان منطقة البليدة لا يزالون يعتمدون بشكل كبير على الأغذية البيولوجية، خاصة أن أراضي هذه الولاية خصبة ومعروفة بجودة خضرها وفواكهها. وتضيف المتحدثة بأن طبق ”الحمامة”، يتربع على عرش الأكلات الشعبية الربيعية للتعبير عن الفرح بقدوم فصل الربيع. ومن أهم المناطق التي لا تزال تحتفظ بأكلة ”الحمامة” بشدة؛ الشريعة، حمام ملوان، الدويرات، باب الدزاير و”بلاصة لعرب”.. وأصل كلمة ”الحمامة”، حسب رئيسة الجمعية، كلمة ”حمام”، حيث كانت تستعمل هذه الأعشاب لتتبخر بها المرأة ”النافس” داخل الحمام، بغرض معالجتها من مختلف الأمراض وطرد السموم وتخفيف آلامها بعد الولادة، حيث كانت طريقة علاج جد فعالة، لتنتقل بعد ذلك استعمالات هذه الأعشاب الطبية إلى الأكل واستغلالها في تحضير طبق الكسكسي. وأشارت السيدة رزيقة بوغلماني إلى أن ولاية البليدة تتميز بإعداد أطباق أخرى، مثل ”المقارون الأعمى” الذي يحضر في عيد الفطر بعد صيام شهر كامل، باعتباره طبقا خفيفا يشبه ”المقطفة” لكن بحجم أكبر، حيث يحمص في مقلاة، ثم يغلى ويرفق بصلصة حمراء مكونة من اللحم المفروم والبيض. وتتميز منطقتا حمام ملوان وبوقرة بأكلة شعبية أخرى تتمثل في ”البسيسة”، وهو دقيق من النوع الخشن يغلى في الماء داخل إناء من طين يعرف ب”السخان” مرفوقا بالبيض والملح، يتم تحريكه بملعقة خشبية حتى يتخثر، ثم يدهن بزيت الزيتون ويزين بالبيض. إلى جانب طبق ”قطع وارمي” الذي يشبه ”التريدة”، يطبخ بالحليب والفلفل الأسود وتتناوله المرأة ”النفساء” باعتباره أكلة صحية، إلى جانب أطباق أخرى، مثل ”كسكسي البلوط، كسكسي الحلحال، الشعير، البركوكس، الشخشوخة، المرمز” و”الرشتة” التي تعد طبقا جديدا ابتكر بعد الثورة التحريرية. ومن بين الحلويات المعروفة في المنطقة؛ ”المحنشة”، ”الغريبية”، ”التشاراك”، ”المسكر”، ”مقروط العسل”، ”مقروط اللوز” و”حلوى الطابع”..