أكد عبد القادر بن صالح رئيس مجلس الأمة، أمس بسانتا كروز ببوليفيا، أن مجموعة ال77 وُجدت لتجسد قناعة الدول الأعضاء فيها بتقاسم انشغالات ومشاكل واحدة وتطلّعها إلى حلول واحدة، داعيا المشاركين في قمة المجموعة والصين، إلى اعتماد "بيان الجزائر" المنبثق عن الندوة الأخيرة لحركة عدم الانحياز بالجزائر كوثائق عمل رسمية، وذلك لما تحمله من طموحات دول الجنوب من أجل إنجاح تحضير الاستحقاقات القادمة، بما فيها القمة حول أجندة التنمية لما بعد 2015. وأوضح بن صالح الذي يمثل رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة في كلمته أمام القمة الاستثنائية لرؤساء الدول والحكومات لمجموعة ال77 والصين، أن ميلاد هذا المنتدى التضامني قبل 50 سنة، "جاء ليجسد القناعة العميقة بأننا نتقاسم انشغالات ومشاكل اجتماعية واقتصادية واحدة، ونصبو إلى إيجاد حلول واحدة، حتى إن كفاحنا كان ولايزال واحدا"، مشيرا إلى أن هذه القناعة التي أضحت في صلب تحولات عميقة وتجاذبات أكبر، بات استحضارها اليوم أكثر إلحاحا من ذي قبل، مما يجعل، حسبه، من المقولة المتداولة "لو لم تكن مجموعة 77 موجودة لاقتضى الأمر إنشاءها"، فكرة ثابتة وحقيقة قائمة. وبعد أن ذكّر بأن هذه الفكرة تجلت في مضمون وروح "بيان مجموعة 77" المصادق عليه في جنيف، في اختتام اجتماعات المؤتمر الأول للأمم المتحدة حول التجارة والتنمية، أشار السيد بن صالح إلى أن هذه الحقيقة برزت بشكل أوضح في نص وروح "ميثاق الجزائر" المصادق عليه في الاجتماع الأول لوزراء خارجية مجموعة 77 في أكتوبر 1967، والذي يُجمع المؤرخون والمتتبعون على أنه الوثيقة المؤسسة بحق لهذا التجمع. كما اعتبر المتحدث بأن "الفكرة وجدت دلالتها ومعناها في الخطاب الذي ألقاه الرئيس إيفو موراليس أيما، بقوة وبحماس مؤخرا بالجزائر، أمام ما يقارب ألفي مشارك، يتقدمهم 77 وزيرا للشؤون الخارجية ممثلين ل 135 دولة شاركت في افتتاح أشغال المؤتمر الوزاري السابع عشر لحركة بلدان عدم الانحياز"، مشيرا إلى أن تصريحات الرئيس موراليس "التي تتسق تماما والخط الأصيل الذي سار عليه الآباء المؤسسون لمجموعة 77، وعلى رأسهم السادة رؤول بريبيش وبيريز غيريرو"، شكلت مصدر إلهام قوي لأشغال المؤتمر الوزاري لحركة بلدان عدم الانحياز، "وتأثر بها، على وجه أخص، الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، مهندس ميثاق الجزائر الذي توّج أشغال الندوة الوزارية الأولى لمجموعة ال77 في أكتوبر 1967، تحت رئاسته بصفته وزيرا لخارجية الجزائر آنذاك". وبالمناسبة، ذكر السيد بن صالح بأن حرص الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على تكليفه بتمثيله في هذه القمة الاستثنائية، جاء للتعبير عن عميق عرفانه للرئيس إيفو موراليس أيما، الذي شرّف بحضوره الشخصي أشغال الندوة الوزارية 17 لبلدان عدم الانحياز، "ولاقت زيارته إلى الجزائر الراغبة في فتح ممثلية دبلوماسية لجمهورية بوليفيا متعددة الأعراق بالجزائر، كل الترحاب والتأييد"، مؤكدا في سياق متصل، أن جوهر "بيان الجزائر" الذي صودق عليه في 29 ماي الأخير، "كان خلاقا وطموحا من خلال رغبته في الإسهام من منظور دول الجنوب في إنجاح تحضير الاستحقاقات الهامة في 2015، بما في ذلك القمة حول أجندة التنمية لما بعد 2015، ومسألة التغيرات المناخية". كما ذكّر رئيس مجلس الأمة بتبنّي "بيان الجزائر" بشكل تام، الموقف الثابت للفريق رفيع المستوى للشخصيات البارزة بدول الجنوب، بخصوص إنشاء وكالة تابعة لمنظومة الأممالمتحدة حول التعاون جنوب - جنوب، وتحتضن إحدى الدول النامية مقرها، مشيرا إلى أن هذا الموقف تم إقراره في "نداء الجزائر" من أجل شراكة عالمية؛ من خلال تعاون دولي متجدد، صادق عليه الفريق المذكور أثناء اجتماعه بالجزائر عقب اجتماع بلدان عدم الانحياز. وفي حين أعرب عن ارتياحه لنداء "بيان الجزائر" الذي توّج أشغال ندوة وزراء خارجية عدم الانحياز التي انعقدت مؤخرا بالجزائر، اقترح بن صالح على المشاركين بأن تكون وثائق هذا الاجتماع وثائق عمل رسمية لقمة سانتا كروز، وذلك لكون ما ورد في "روح الجزائر" يعكس، حسبه، النضال المشترك للدول الأعضاء؛ "من أجل عالم أكثر عدالة وأكثر إنصافا.. عالم متناغم مع طبيعته"، ليجدد في الأخير استعداد الجزائر حكومة وشعبا، لاستكمال هذه المبادرة النبيلة التي تخدم أجيال الحاضر والمستقبل. من جانبه، أكد الرئيس البوليفي إيفو موراليس الذي تستضيف بلاده أشغال القمة الاستثنائية لمجموعة ال77 زائد الصين، حاجة دول المجموعة إلى "بناء وجهة نظر تنموية مختلفة عن الرأسمالية الغربية، واتباع نموذج التنمية المستدامة المتكاملة من أجل حياة أفضل لا تبحث فقط عن التوازن بين البشر، وإنما التوازن والتناغم مع الأرض أيضا. كما دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بدوره في كلمته، إلى التعاون بين دول الشمال والجنوب؛ من أجل إعداد أجندة عالمية جديدة للتنمية المستدامة، تمكّن من القضاء على الفقر والحفاظ على كوكب الأرض، معتبرا قمة سانتا كروز فرصة تاريخية لبلدان الشمال والجنوب من أجل تجاوز خلافاتها، واعتماد أجندة حقيقية للتنمية على الصعيد العالمي. ويشارك في أشغال القمة الاستثنائية لمجموعة ال77 زائد الصين التي تُعقد تحت شعار "إحداث نظام عالمي جديد من أجل حياة أفضل"، عدد من رؤساء الدول وممثلو أزيد من 130 بلدا عضوا في المجموعة، بما فيها الجزائر الممثلة برئيس مجلس الأمة. ومن المنتظر أن تتوَّج هذه القمة التي يصادف انعقادها الذكرى ال50 لإقامة مجموعة ال77 المشكّلة من 133 دولة نامية بالإضافة إلى الصين، ببيان ختامي يتناول أهداف ألفية الأممالمتحدة لما بعد 2015، وخاصة ما يرتبط منها بالحد من الفقر المدقع ووفيات الأطفال والولوج إلى التربية والمساواة بين الجنسين والتنمية المستدامة.