تشهد الحركة التجارية بأحياء قلب مدينة برج الكيفان السياحية ركودا وشللا تامين، سببه أشغال انجاز الميترو التي بدأت منذ شهرين، وينتظر أن تدوم أكثر من سنتين، مما جعل تجار المحلات المتموقعة بالشوارع التي يمسها المشروع، وهي شوارع: علي خوجة، العقيد عميروش، وأول نوفمبر، حيث أن النشاطات التجارية التي عادة ما تنتعش خلال الصيف، تقلصت منذ بدء الأشغال إلى 80 حسب شهادات التجار بعين المكان، وغدت مدينة "فو ردلو" في هذا الصيف شبه خالية من روادها الذين يحجون إليها كل صيف. جولتنا في قلب "فوردلو"أوحت إلينا وكأننا في ورشة كبيرة مترامية الأطراف، غبار، خنادق وآليات تنبش الارض، وشاحنات راكنة بما تبقى من الطريق الرئيسي للمدينة، إنها اشغال الترامواي الذي يمر بوسط المدينة، فهو بقدر مايزيل متاعب السكان ويوفر خدمة نقل "نوعية" بعد سنتين، إلا أن التجار بالخصوص أصيبوا خيبة أمل، جسدتها "الدوامة" التي دخلوا فيها منذ انطلاق الاشغال التي نفرت الزبائن - حسبهم- وكبدتهم خسائر قدرها أغلبهم ب 80، وذكر لنا (ج.ت) صاحب محل شواء وإطعام بشارع على خوجة أن نشاطه يشهد شللا تاما، فالزبائن القلائل الذين بقوا أوفياء للمكان صاروا - بسبب الاشغال وعدم ملاءمة مكان الركن -يعزفون عن المطعم ويتخذون وجهات أخرى، مشيرًا أن الصيف الماضي وما قبله كان المطعم يعج بالزبائن، وقد شاهدنا بعين المكان النشاز الحاصل الذي حال دون الانتعاش التجاري، لكن محدثنا لم ينف أن الاشغال ستنهي يوما وتزول المشاكل، لكنه أكد أنه على الجهات المعنية أن تعوض التجار عن الأضرار، وقال السيد (ج.ت) أن الكثير من السياح والمغتربين يحجون إلى مطعمه صيفا نظرًا للإستقبال الجيد والخدمات الراقية. أما صاحب مقهى بشارع العقيد عميروش فأشار إلى أن نزع الأشجار وحفر الخنادق من أجل الاشغال، قلل من نشاط المحل، وأن الطاولات التي كانت تنصب على الرصيف أرغم عدم وضعها نظرًا للغبار المتطاير بالقرب من المقهى، ونفس الانطباع لمسناه لدى تاجر حلويات ومرطبات بالجهة المقابلة للشارع المذكور، الذي أكد أنه يقوم بمسح زجاج الواجهة ورش المكان المجاور بالماء عدة مرات يوميا لئلا تختلط معروضاته بالغبار المتطاير، مؤكدًا أن المحل المعروف منذ 1979 صار هذا الصيف شبه خال، في انتظار انتهاء الاشغال التي يتمنى أن تكلل بوجه جديد أكثر استقطابا للسياح.
التجار يطالبون بالتعويضات وفك"الغموض" من جهته أوضح ل" المساء" المنسق البلدي لنقابة اتحاد التجار والحرفيين الجزائريين السيد درباح زايدي أن التجار ليسوا ضد المشروع، بل هم يرفضون الكيفية التي تتم بموجبها الاشغال، وكذا التماطل في حل مشكل التعويضات عن الاضرار التي لحقت النشاط، وقال السيد زايدي أن "التصرفات المبهمة" التي تطبع تحركات المسؤولين المعنيين أدخلت الشكوك إلى نفوس التجار الذين لم تعرهم لا شركة الإنجاز، ولا المصالح المحلية أي اهتمام أو اشراك لتنظيم الأمور، خاصة وأن الأشغال التي ستدوم إلي غاية 2010 ستلقى بظلالها على النشاط عشرات التجار الذين اضطر حوالي 30 منهم إلى غلق محلاتهم، في حين بقي الاخرون ينشطون بشكل محتشم نظرًا لقلة الزبائن، وذكر محدثنا أن النشاطات التي لحقتها الاضرار" هي "الخدمات الفصلية" المتمثلة في محلات الشواء، المثلجات وغيرها، مشيرا أن الاجتماعات الماراطونية التي تم عقدها مع ممثلي بلدية برج الكيفان، ومسؤولين عن شركة ميترو الجزائر بشأن تعويض التجار وإعادة الامور إلى نصابها، لا يزال يلفها الغموض نتيجة غياب التنسيق بين الشركاء المعنيين. وقلة توفرالمعطيات الحقيقية حول آجال استكمال المشروع الذي سيطول لسنتين كاملتين أو أكثر، مما أربك التجار وجعلهم يصابون بخيبة أمل، قائلاً أن هناك من التجار من توقف تمامًا عن العمل وصار عاجزًا عن توفير لقمة العيش، وأحسنهم من يفتح محله ليستقبل عددا قليلا من الزبائن، مؤكدًا أن اتحاد التجار لن يسكت عن التجاوزات والغموض السائد، ويطالب بتدخل الجهات المعنية لحل المشكل قبل أن تتعقد الامور أكثر.
السكان: فقدنا صيف "فوردلو" المتميز ويعترف سكان مدينة برج الكيفان أنهم فقدوا خلال هذا الصيف جوًا متميزًا، وحركية وانتعاشًا سياحيًا،واقتصادًا لا تحمله الفصول الاخري، وأشار (عزيز.ل) إبن مدينة "فوردلو" أن الوجه الشاحب للمدينة، بأهم شوارعها الرئيسية أثر سلبًا على نفسيات السكان الذين أصبحوا يواجهون محيطًا جديدًا معقدًا، لكن محدثنا لم يخف أن مدينة صارت محظوظة كونها ستستفيد من خدمات الترامواي الذي سيسهل حركة المرور ويجعل زيارة المدينة في متناول عدد هائل في ظرف قصير، في حين ذكر "عمي السعيد" أن ما يطالب به أهل المدينة هو أن تعود المياه إلى مجاريها، ويحترم"أصحاب الورشة" أجال الانجاز كي لا تطول معاناة الناس، مشيرًا أن السكان من واجبهم أيضًا أن يتصلوا بالبلدية لمعرفة مستجدات الاشغال. ويظل الأوفياء لمدينة برج الكيفان في ظل هذا الجو الجديد يتخذون من المرافق الخدماتية الواقعة بعيدا عن مكان الاشغال، إذا يظهر للزائر أن ورشة الانجاز التي أثرت على الشوارع الرئيسية للمدينة انتقلت بعض عدواها إلى الشوارع الاخرى بسبب مدخلي المدينة للذين صارا ضيقين لا يتسعا إلا لرواق واحد، كما هو الشأن بالمنفذ الشرقي الذي يضم خرجا فقط، فيما بقي المدخل على مستوى حي"الصباج المشرق" تطبعه حركة بطيئة في رواق ضيق، بسبب الخندق المحفور، وتشير مصادر من بلدية برج الكيفان أن النشاطات المرتبطة بموسم الإصطياف أخلطت أوراقها الأشغال الجارية، فلا معرض للصناعات التقليدية والنباتات التزينية التي كانت تقام كل صيف على طول شارع العقيد عمروش، ولا أشياء أخرى، إلا فضاء الألعاب المقام داخل ساحة البلدية التي قد تخفف قليلاً من الروتين الذي يقتل المدينة التي لا تنام.