كلّف رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، الحكومة بإعداد برنامج جديد لبناء السكنات خلال السنوات الخمس القادمة، يراعي المعطيات المستقاة من النتائج الأولية لإحصاء السكان والسكن الأخير، مؤكدا بصفة رسمية قرار الدولة رفع مستوى الإعانات العمومية الممنوحة للمواطنين المستحقين للسكن الاجتماعي التساهمي والريفي من 500 ألف دينار إلى 700 ألف دينار. ويرمي البرنامج السكني الجديد الذي دعا إلى انجازه رئيس الجمهورية، خلال اجتماع مجلس الوزراء نهاية الأسبوع المنصرم إلى تصحيح الخلل المسجل على مستوى التوزيع الديمغرافي للسكان عبر مناطق الوطن، والذي كشف عنها الإحصاء العام الأخير الذي أعدته الجزائر في 16 أفريل الماضي، ولذلك شدد السيد بوتفليقة على ضرورة أن يراعى في هذا البرنامج السكني الذي يغطي السنوات الخمس المقبلة، حل مشكل التمركز الخانق للسكان في المدن والتجمعات الحضرية، بإيلاء عناية أكبر لتوسيع برامج السكن الريفي ومرافقتها ببرامج اقتصادية كفيلة برفع فرص العمل وخلق موارد تنموية في الوسط الريفي ومن ثمة تثبيت السكان في هذه المناطق ومعالجة ظاهرة النزوح على المدن. وتم بالمناسبة أيضا الإلحاح على ضرورة حصر الاستفادة من السكن الاجتماعي الإيجاري من الآن فصاعدا على المواطنين العاجزين تمام العجز عن الحصول على مسكن بإمكانياتهم الخاصة، مع ترجيح الدولة لصيغة الوصول إلى ملكية السكنات بواسطة الإيجار المقرون بالبيع، حيث تتكفل الدولة في هذا الإطار بتمويل إنجاز السكنات لفائدة المواطنين الذين يرغبون في الدفع نقدا، شريطة أن يظل الملك غير قابل للبيع لمدة محددة. كما أعلن رئيس الدولة في سياق متصل موافقته الرسمية لرفع الإعانة المالية الممنوحة من قبل الدولة للمستفيدين من السكنات التساهمية والريفية من 500 ألف دينار إلى 700 ألف دينار مع رفع الحد الأدنى للدخل الشهري للأسر المستحقة لهذه الإعانات العمومية من 60 ألف دينار إلى 72 ألف دينار، ملحا في السياق على ضرورة توخي الشفافية في منح هذه الإعانات العمومية حتى لا تكون محل مضاربات. وحث الرئيس أعضاء الحكومة على العمل على تشجيع البنوك على التعاون في هذا المجال من خلال استحداثها للآليات الكفيلة بتعزيز مساهمة المواطنين في تلبية حاجياتهم للسكن. ومن بين المعطيات المثيرة للقلق التي كشفت عنها نتائج الإحصاء الأخير للسكان والسكن، ووقف عندها اجتماع مجلس الوزراء إلى جانب ظاهرة التمركز الخانق للسكان في التجمعات الحضرية، "ظاهرة" السكنات غير المستغلة والمغلقة والتي ارتفع عددها بشكل مثير للانتباه حيث بلغ 1,5 مليون وحدة سكنية شاغرة على المستوى الوطني. وقد شدد رئيس الجمهورية على ضرورة إنهاء إشكالية هذه السكنات، من خلال استحداث أدوات تشريعية وتحفيزية كفيلة بوضع حد لبقاء جزء هام من الحظيرة السكنية غير مستغل، مع التركيز على تصحيح وضعية فئة السكنات التي منحتها أو أجرتها الدولة أو تم انجازها بدعم عمومي. أما فيما يتعلق بمجالي التعمير وتحسين الفضاء الحضري، فقد أبرز السيد بوتفليقة مسؤولية الجماعات المحلية في الاعتناء بهذين الجانبين، داعيا الحكومة من جهتها إلى تحديث أدوات التعمير وتدارك التأخر المسجل في مجال تحسين الفضاء الحضري من خلال المبادرة على المستويين المركزي والمحلي، لا سيما وأن الموارد المالية المخصصة لهذا الجانب متوفرة. على صعيد آخر وبعد استعراض الحصيلة المرحلية للسياسة المتبعة في مجال السكن والعمران عبر رئيس الجمهورية، عن ارتياحه للتطور الحاصل في إنجاز البرنامج الخماسي للسكن، الذي يشمل إنجاز 1,4 مليون وحدة سكنية من مختلف الأصناف، داعيا القائمين على القطاع إلى رفع كافة العراقيل الإجرائية وتعجيل تنفيذ القسط المتبقى من هذا البرنامج. وقد بين عرض وزير السكن والعمران فيما يخص تنفيذ هذا البرنامج أن مجموع السكنات المنجزة منذ الفاتح جانفي 2004 إلى غاية 30 جوان الماضي، بلغ أكثر من 700 ألف سكن، فيما وصل عدد السكنات التي شرع في إنجازها منذ جانفي 2005 إلى نحو 1055000 وحدة منها 583 ألف وحدة تم تسليمها إلى حد الآن، و342 ألف وحدة سكنية ينتظر الشروع في انجازها قريبا، بعد أن تمت إزالة العراقيل الميدانية وفي مقدمتها مشكل العقار وبعض المشاكل المتصلة بأداة الإنجاز. كما شمل العرض أيضا برنامج القضاء على السكنات غير اللائقة، الذي تم في إطاره تسجيل أكثر من 164 وحدة سكنية اجتماعية موجهة للتأجير على مستوى كل ولايات الوطن باستثناء العاصمة التي سجلت تقدما في هذا المجال، حيث تم خلال العام الجاري تسجيل إنجاز 30 ألف سكن اجتماعي إيجاري، والشروع في انجاز 25 ألف وحدة منها بعد أن تم تحديد المساحات اللازمة لتشييدها وإبرام صفقات انجازها مع المؤسسات المتخصصة، في حين يجري البحث عن مواقع أخرى لإنجاز ال5 آلاف وحدة سكنية المتبقية. وتطرق السيد نور الدين موسى في عرضه إلى مجال العمران، مشيرا إلى شروع 907 بلديات على المستوى الوطني في عملية مراجعة المخططات التوجيهية للتهيئة العمرانية، قصد توسيع رقعة عمرانها وجعلها تتساوق وتطور الحاجيات، بينما تم إلى حد الآن الانتهاء من إعداد 4400 مخطط شغل الأراضي من ضمن ال12 ألف مخطط المطلوب إعداده على المستوى الوطني. وذكر الوزير من جانب آخر بتخصيص الدولة لميزانية خاصة ببرنامج تحسين العمران الممتد من 2005 إلى 2008 ومنها 300 مليار دينار موجهة بشكل أساسي لمعالجة النقائص المسجلة على مستوى 7500 موقع و200 مليار دينار لمعالجة النقائص التي تعاني منها شبكة الطرقات ومختلف الشبكات القاعدية الأخرى.