يتميز موسم الصيف بأفراحه المتنوعة والطويلة طول أيامه، أفراح غالبا ما تتحول إلى أحزان ومأسٍ بسبب إفراط الكثيرين في فرحتهم لتنقلب إلى مأتم وتعازٍ ، فهناك من يتباهى في موكب العروس ويحاول أن يكون أول من يتصدر الموكب، وهنالك آخرون يستعرضون قوتهم ببعض الطلقات النارية تجتمع فيها الابتسامة والدموع. تبنى الجزائريون طقوسا وعادات غريبة ودخلية هي أقرب منها للعنف من الفرح، وليس غريبا أن تتسبب هذه الطقوس في احزان العديد من العائلات التي سرق منها الفرح أعز أبنائها وأحبابها، ومن بين أهم الظواهر التي ميزت أعراس الجزائريين هي إطلاق النار بالذخيرة الحية والتي تؤدي إلى إصابات خطيرة غالبا ما تؤدي إلى الوفاة، وتشير بعض الاحصائيت التي حصلنا عليها من مصالح الشرطة التي تراجع بعض هذه الحالات لدى حاملي الأسلحة النارية من نوع المسدسات وذلك بعد سلسلة الإشعارات والمراسلات التي قامت بها المديرية العامة للامن الوطني لجميع المديريات والمصالح المختصة تذكر فيها بالعقوبات الصارمة التي تنجر عن استعمال السلاح في غير موضعه أو محله كالأعراس، أو التعبير عن الفرح في المناسبات الرياضية وغيرها.. وجاءت تحذيرات مديرية الامن بعد سلسلة الحوداث الخطيرة التي تم تسجيلها في السنوات الماضية عبر مختلف الولايات وبالمناطق الآهلة بالسكان، أبطالها أعوان شرطة، شاركوا أهاليهم فرحة العرس، فكانت الهدية طلقات نارية بالذخيرة الحية. وسجلت مصالح أمن ولاية الجزائر منذ بداية السنة بضع حالات أهمها وفاة سيدة كانت تطل من شرفة منزلها الكائن بشارع ديدوش مراد بالعاصمة عندما أصابتها طلقة نارية على مستوى الرقبة خرجت من موكب عرس كان يمر عبر الشارع، ولفضولها اتجهت نحو الشرفة لالقاء نظرة خاطفة على موكب العروس لتكون تلك آخر طلة لها. بئر توتة أيضا سجلت بداية الشهر الجاري حادثا من هذا النوع، غير أن الإصابة ولحسن الحظ كانت خفيفة لكنها كادت أن تكون مميتة، حيث فتح أحد أعوان الامن النار وهو في غمرة فرحه لزواج أخيه، وفي غفلة منه أصاب ابنه الذي كان إلى جواره فأتت الرصاصة في عينه. البصمات "البالستيه" والمسؤولية الشخصية لم يعد من الصعب تحديد أي شخص مسؤول عن إطلاق النار بصفة عشوائية، وذلك بفضل الإمكانيات المادية التي تتوفر عليها المديرية العامة للأمن الوطني، والمتمثل خصوصا في مخبر شاطوناف وكذا قاعدة المعلومات الخاصة بسلاح كل عون أمن أو أي سلاح ناري مسجل لدى مصالح الأمن. ويتم تحديد المسدس المستعمل أثناء الحادث بالاستعانة بتجويفة الرصاصة علما أن لكل سلاح طريقة في خروج الرصاصة منه، مما يترك أثرا خاصا وهو ما يسمى بالبصمات البالستية. الدرك يسجل أكبر حصيلة باستعمال البنادق رغم أن مصالح الدرك الوطني لم تزودنا بارقام دقيقة عن عدد الحوداث الخاصة باستعمال الأسلحة النارية خلال حفلات الأعراس غير أن اغلب الحالات سجلت باستعمال البندقية سواء بنادق الصيد التابعة للخواص أو تلك المستعملة من قبل أعوان الحرس البلدي. وتشير مصادر من الدرك الوطني إلى أن استعمال السلاح في البوادي والارياف يأخذ صورا أخرى تدخل في إطار ثقافي وفلكلوري، ونادرا ما تسجل بها إصابات خطيرة والسبب في ذلك يعود إلى السلاح المستعمل الذي يختلف عن الاسحلة الحربية كالرشاشات والمسدسات والبنادق، فهو سلاح تقليدي بذخيرة تقليدية تصنع من البارود المنتج محليا والمصدر لدوي هائل لكنه غير مؤذٍ، ضف إلى ذلك فإن الريف يتمتع بفضاءات مفتوحة وهو ما يقلل الأحداث المؤلمة والمميتة.