سجلت الجمارك الجزائرية مخالفات متعلقة بتحايل مستوردي قطع الغيار المغشوشة الذين لجأوا إلى حيل جديدة لإدخال حاويات السلع المغشوشة والمقلدة القادمة من الصين في أغلب الحالات مرورا بدول أوروبية لإبعاد الشبهات عنها والتحايل على مفتشي الجمارك الذين يشددون الرقابة على كل الحاويات والبضائع القادمة من الصين. أكّد السيد حنون مقران مفتش عميد محقق في مديرية مكافحة الغش بالمديرية العامة للجمارك الجزائرية في تصريح ل "المساء"، أن مصالح الجمارك سجلت هذه المخالفات على مستوى ميناء العاصمة حيث تمكنت من اكتشاف هذه التجاوزات بعد تفتيش حاويات قادمة من فرنسا وبلدان أوروبية أخرى، قدّم أصحابها وثائق مزورة وتصريحات كاذبة مفادها أن البضاعة قادمة من أوروبا. وبعد تفتيش الحاويات تبين عكس ذلك حيث أن الأمر يتعلق بقطع غيار قادمة من الصين مغشوشة ومقلدة تحمل أسماء علامات معروفة في حين أنها صنعت في مكان أخر ولا تحترم نفس المقاييس الدولية الواجب توفرها من حيث الجودة والنوعية. وفي هذا السياق، أضاف السيد حنون أن قطع الغيار المغشوشة والمقلدة التي حجزتها الجمارك الجزائرية من سنة 2002 إلى غاية سنة 2007 قدرت بنسبة 47 بالمائة، وهو ما يمثل نصف ما حجزته الجمارك. ويتوقع محدثنا أن تتجاوز كمية هذه المنتوجات المغشوشة المستوردة هذه النسبة إذا أخذنا بعين الاعتبار البضاعة غير المحجوزة والتي تمكن أصحابها بإدخالها سرا دون تفطن أعوان ومفتشي الجمارك، وهو ما تؤكده الكميات الكبيرة من هذه القطع المسوقة في السوق الجزائرية والتي يتجاوز عددها القطع الأصلية، بحيث باتت تشهد قطع الغيار المغشوشة انتشارا واسعا في السوق الوطنية. 80% من القطع المتداولة في السوق مغشوشة يقدر المختصون في مجال استيراد القطع الأصلية أن قطع الغيار المغشوشة تمثل 80 بالمائة من الكمية الإجمالية لقطع الغيار المتداولة في السوق، وهو ما يشكل خطورة كبيرة على أمن المستهلك كون هذه القطع الرديئة النوعية تتسبب في حوادث مرور خطيرة بالإضافة إلى الخسائر الاقتصادية الناجمة عن تقليد العلامات. وأشار السيد مقران أن ظاهرة الغش في قطع الغيار تمس عدة قطع وأنظمة واسعة الاستهلاك مرتبطة بالجانب الأمني للسيارات مما يجعل الغش فيها يشكل كارثة قد تودي بحياة مستعمليها خاصة ما تعلق بنظام الفرملة من أسطوانات الفرملة، وصفائح الفرملة، بالإضافة إلى كل الأجهزة المشكلة لنظام التعليق من ممتصات الصدمات وغيرها إلى جانب العجلات وكل ما يتعلق بنظام الفاصل (لومبرياج). وقد طالت ظاهرة الغش والتقليد حتى ملحقات السيارات من أغلفة العجلات والمرايا العاكسة التي تدخل للجزائر من الصين، الهند وتركيا أحيانا والتي بالرغم من انتشارها فإنها تبقى أقل خطورة بالنسبة لقطع الغيار لأنها لا تتعلق بأمن الركاب كالفرامل وغيرها. وأضاف محدثنا أن مشروع انجاز الجمارك لنظام "سيقاد2 " من شأنه محاربة هذه الظاهرة والتقليل منها لأنه يأخذ بعين الاعتبار تيارات الغش ويصنف التصريحات الجمركية حسب خطورة وجود الغش. جمعية لمستوردي وبائعي قطع الغيار من جهته، كشف السيد محمد صياد الرئيس المدير العام لشركة صياد لاستيراد قطع الغيار الأصلية وتجهيزات السيارات في تصريح خص به "المساء" عن مشروع جديد لتأسيس جمعية وطنية لمستوردي وموزعي قطع غيار السيارات بالجزائر وذلك بمشاركة العديد من المتعاملين في هذه السوق، حيث تقدم الأعضاء المؤسسين للجمعية منذ أسابيع بملف لوزارة الداخلية والجماعات المحلية لطلب الاعتماد للجمعية التي يتوقع أن ترى النور وتدخل ميدان العمل قبل نهاية السنة الجارية 2008. ويبقى الهدف من هذه الجمعية العمل على توعية المستهلك الجزائري بخطورة استعمال قطع الغيار المغشوشة في سيارته عن طريق عقد ندوات توعوية وبرامج خاصة ستحدد بعد الحصول على الاعتماد في الأيام القادمة. ولا تزال ظاهرة الغش في قطع الغيار تعرف تزايدا ملحوظا في ظل اتساع الحظيرة الوطنية للسيارات وضعف القدرة الشرائية للمواطن الذي يقبل على هذه القطع المغشوشة بسبب انخفاض أسعارها مقارنة بالقطع الأصلية التي تباع عند الوكلاء المعتمدين بأسعار مرتفعة جدا. وبغض النظر عن الفرق في السعر بين قطع الغيار الأصلية والمغشوشة، لا يستطيع المستهلك التفريق بين هذين النوعين من القطع بسبب تشابهها ولجوء منتجيها إلى تقليد كل الجوانب الموجودة في القطع الأصلية خاصة ما تعلق بالتغليف بحيث تباع هذه القطع في نفس العلب إذا علمنا أن علب تغليف قطع الغيار الأصلية يشتريها المصنع من مصانع خاصة بالتغليف عن طريق المناولة وهو ما يمكن المقلدين من اللجوء إلى هذه المصانع لطلب نفس العلب وبالطبع يتمكنوا من الحصول عليها لأن صاحب مصنع التغليف همه الوحيد هو بيع أكبر كمية من العلب ولا يهمه إن كان المشتري يستعملها لتغليف قطع غيار أصلية أو مغشوشة. ولتفادي هذا الغش الذي يقع ضحيته المستهلك الذي لا يستطيع التفريق بين الأصلي والمغشوش، يستحسن اللجوء إلى ميكانيكي مختص وتكليفه بشراء هذه القطع لتركيبها في السيارات مع طلب فاتورة الشراء من البائع ليتمكن الزبون من الحصول على حقوقه إذا تبين أن السلع التي اشتراها مغشوشة. لكن ورغم ذلك نلاحظ أن العديد من بائعي قطع الغيار يبيعونها دون تقديم فاتورة للزبون علما أن القانون يجبر على ذلك حيث يمكن للزبون طلب هذه الفاتورة من البائع إجباريا لحماية لحقوقه ويمكنه التوجه بشكوى أمام مصالح مديرية التجارة في حالة رفض البائع تقديم فاتورة له.