هذا الاعتداء تعدى الحدود فلم يعد يقتصر على الضرب و الشتم أو حتى التهديد حيث أصبح اليوم يأخذ منحنيات خطيرة في مجتمعنا وصل حد القتل والتنكيل و الإعتداء الجنسي بمن يعرفون بالأصول ، فحسب التقارير التي أعدتها مصالح الدرك الوطني حول الظاهرة كشفت عن أرقام خطيرة جدا بخصوص الارتفاع الخطير لظاهرة الاعتداءات العنيفة على الأصول من ضرب وجرح وسب وحتى القتل في بعض الحالات فقد سجلت مصالح الدرك خلال الثلاثي الأول لسنة 2012 113 حالة اعتداء ضد الأصول، فقد تم توقيف 96 شخصا منهم 41 اودعوا الحبس من بينهم نساء. وحسب نفس التقرير، فان الأبناء الفاعلين أو المجرمين الذين يمارسون العنف ضد أصولهم خلال الثلاثي الأول 2012 تم الاعتداء على 67 ضحية منهم 43 من الآباء و24 من الأمهات، أما خلال سنة 2010 فتم الاعتداء على 324 من الأصول منهم 167 من جنس الذكور و157 من النساء ضحية الإعتداء، لترتفع الحصيلة إلى 358 ضحية سنة 2011 تم الإعتداء عليهم من طرف أولادهم وبناتهم فرغم القوانين الصادرة في بلادنا لحماية الأشخاص المسنين ووضع عقوبات صارمة ضد الأبناء الذين يسيئون معاملة آبائهم أو يلقون بهم في دور العجزة إلا أن الظاهرة تعرف استفحالا واضحا في مجتمعنا . لم يعد يقتصر اعتداء الأبناء على آبائهم على السب أو الشتم أو حتى الضرب و الجرح بل تعداه إلى جرائم خطيرة وصلت حد القتل والاعتداء الجنسي ،فرغم العقوبات الثقيلة التي وضعها المشرع الجزائري إلا أن الظاهرة في تزايد مستمر، حيث تنص المادة 267 من قانون العقوبات على أن أي اعتداء على الأصول يؤدي على جرح أحد الوالدين بعقوبة تتراوح بين 5 و 10 سنوات إذا لم يؤدي ذلك إلى عاهة مستديمة والأمر يختلف إذا ما تسبب الاعتداء في حالة إعاقة لأحد الوالدين أو كلاهما فإن العقوبة يمكن أن تصل إلى 20 سنة حبسا لتتضاعف إلى المؤبد إذا ما تسبب الحادث في الوفاة أما إذا كان الاعتداء مع سبق الإسرار و الترصد فإن العقوبة قد تتحول إلى إعدام أخدنا حالات عن الإعتداء على الأصول الواحدة من هذه الحالة تسكت الأخرى من شدة الفاجعة و من هول ما وصلت إليه العائلات الجزائرية ما دمت الوقاحة بلغت الأبناء إلى هذا المصاف
لاعب كرة قدم ارتكب مجزرة في حق عائلته ومن منا لا يتذكر الجريمة البشعة التي اهتز لها سكان مدينة سطيف والتي كان بطلها شاب لم يتجاوز عمره 20 سنة لاعب كرة قدم قام بارتكاب مجزرة رهيبة في حق عائلته بقتل والديه وأخته باستعمال فأس حديدي ورفش حيث بدأ بوالده المسن و الذي يعاني من مرض السكري فاعتدى عليه بطريقة وحشية أرداه قتيلا تاركا إياه غارقا في دمائه لينهال على والدته بضربات قاتلة على مستوى الرأس لينتقل إلى أخته التي كانت تحاول إيقافه عن ضرب والدتها ، وكل هذا لأن عائلته عارضت فكرة الهجرة إلى أوروبا مع جماعة من شبان المدينة ليدخل في نزاع مع والده لمدة 20 يوما ختمه بقتل هؤلاء وإدخال اثنين من أخويه إلى المستشفى ، وبعيدا عن قضايا القتل الاعتداء الجنسي هون الآخر سجل حضوره بين جملة الاعتداءات على الأصول ما ينبئ بكارثة أخلاقية حقيقية في صفوف شبابنا
و...آخر مدمن على المخدرات يعاشر والدته فإدمان شاب على المخدرات جعله يعتدي على والدته جنسيا والتي لطالما اعتدى عليها بالضرب وصمتت خشية من الفضيحة ومن العقاب الذي سيلحق بابنها الوحيد بعد أن توفي زوجها وتركا لها ابن تائها بين رفاق السوء وتأثير الإدمان على حالته ليدخل البيت في أحد المرات ويقوم بتقييد والدته طالبا منها إتيان الفاحشة بالقوة ، والتي أسرعت فور وقوع الحادثة إلى مصالح الشرطة لتحرير شكواها ، في حالة يأس شديدة للوضع الذي وصل إليه ابنها المدمن ، ليحال الملف على المحكمة بتهمة الضرب والاعتداء الجنسي على الأصول .
تعتدى على والدتها العجوز بعصا خشبية فسكوت الحاجة "زينب" في عقدها الثامن عن اعتداءات ابنتها المطلقة والتي تعيش معها في البيت زاد من خطورة الاعتداءات حيث فاقت اعتداءاتها عليها العشر مرات لجسم هزيل لا يقوى على المقاومة لتكون ضربة العصا الخشبية على رأس المسكينة القطرة التي أفاضت الكأس وجعلت الوالدة ترفع دعوى ضد ابنتها التي أدينت بخمس سنوات حبسا نافذا
انحلال خلقي وغياب للوازع الديني ولعل من أسباب الوصول إلى مثل هذه الظواهر إلى مجتمعاتنا المسلمة يرى الأستاذ "ت. ك" إمام مسجد أن وصول الشباب إلى مثل هذه السلوكيات تجاه آبائهم لأكبر دليل على الانفلات الأخلاقي الكبير الذي يعيشه شبابنا ، كما أن غياب الوازع الديني لدى الفئة الأكبر من الشباب -يقول- أوصل العائلات إلى الكوارث فعقوق الوالدين فقط من أكبر الكبائر فما بالك بالاعتداء عليهم بالضرب أو القتل فلا الفطرة السليمة ولا العقول السوية تتقبل تلك التصرفات ، كما قال محدثنا أنه لابد من دق ناقوس الخطر على جميع الأصعدة بداية من الأسرة إلى المسجد والمؤسسات التعليمية ، ، كما تحدث "ي. ح" أستاذ علم الاجتماع بجامعة البليدة عن قضية الميراث والتي يقول أنها تشكل أهم أسباب الوصول إلى الاعتداء على أحد الوالدين أوكلاهما ، كما حمل بعض الأسر الجزائرية السبب في ذلك وقال أن الكثير من الآباء لا يعدلون في قسمتهم للممتلكات بين الأبناء ما يخلق المشاكل بين الإخوة و يوصل إلى أمور قد لا يحمد عقباها أو ان الكثيرين منهم يسكتون عن تقسيمه أصلا ما يجعل الأبناء يظهرون للمطالبة بحقوقهم والتي عادة ما يحاولون الحصول عليها بالعنف ، حيث نذكر في السياق قصة الأخوين الذين أشبعا والدهما ضربا وهدداه بالقتل لأنه تصرف في بيع عقارات تخصه ، مدعيان أنه مريض عقليا ولا يقوى على إجراء معاملات مثل تلك ما جعلهما يواجهان عقوبة الستة أشهر حبسا نافذا بعد أن تقدم الوالد بدعوى قضائية .
وللمخدرات والكحول يد في ذلك المخدرات على اختلاف أنواعها والكحول كلها تذهب العقل وتجعل صاحبها يفقد صوابه ولا يدري ما يقوم به وقد يتبع سبل السرقة والضرب ليصل حد القتل لأجل الحصول عليها ، حيث حدثنا المحامية تواتي فاطمة الزهر " عن الإدمان على المخدرات والكحول والتي تقول أنها على رأس الأسباب المؤدية إلى الظاهرة بالإضافة إلى قضايا التفكك الأسري والتي تجعل الشاب يتربى في حضن الشارع الذي يجعله عرضة لكل أنواع الانحرافات ، فلم تجد السيدة "يمينة" من حل سوى الهروب من البيت والذهاب إلى بيت أهلها بولاية سعيدة خوفا من أبنائها الثلاثة والذين يضربونها باستمرار حين تمتنع عن تقديم المال لهم لشراء الأقراص المهلوسة حيث كانت آخر مرة هو تعرضها لضربات قوية من طرف ابنها الأكبر على مستوى الرأس والذي كان في حالة متقدمة من السكر ضاربا مائدة العشاء ، برجله ليتجه إلى والدته بعصا خشبية كانت بالمطبخ ما جعلها تقرر مغادرة البيت ، تفاديا لاعتداءات فلذات أكبادها رافضة رؤية أحدهم في السجن بسببها .
قضايا مسكوت عنها خوفا من الفضيحة ولعل أن الأرقام والإحصائيات المقدمة لا تعكس الواقع الذي يخفي مئات القضايا المسكوت عنها والتي يفضل الصمت فيها ، حيث يقول "ي. ح" أستاذ علم الإجتماع بجامعة البلدية أن عاطفة الآباء تجاه أبنائهم تمنعهم من التبليغ عنهم ما جعل الظاهرة المسكوت عنها ترتفع من يوم لآخر ، ومن جهتهم يرى القانونين أن أغلب تلك القضايا تتعلق بالتهديد والسب والاعتداء بالضرب ، وتكون نتاجا للإدمان والانحراف في أحيان كثيرة ، والتي تكون عادة بعد سلسلة من الاعتداءات المتكررة والتي تبلغ أقصاها من العنف ما يجعل الضحية أو أحد أفراد عائلته يرفع دعوى قضائية بعد صمت طويل ، كما أضافوا ذات المتحدثين أن الأولياء في كثير من الأحيان يكون هدفهم من رفع الدعوى هو تأديب الأبناء لا أكثر وغالبا ما يصفحون عنهم