جدد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون رفض الجزائر التنازل و التراخي في التعاطي مع ملف الذاكرة والتاريخ. وبعث رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون برسالة بمناسبة اليوم الوطني للهجرة المخلّد للذكرى ال 60 لمظاهرات 17 أكتوبر1961.. وجاء في الرسالة: تَحلُّ، غدا، ذكرى مظاهرات 17 أكتوبر 1961، لتُعيدَ إلى أذهاننا المُمارساتِ الاستعماريةَ الإجرامية المُقترفَة في حقّ بنات وأبناء الشعب الجزائري، في ذلك اليومِ المشؤوم، والتي تعكس وجهًا من الأوجه البَشِعةِ لسلسلة المجازر الشنيعة، والجرائِم ضدّ الإنسانية التي تَحْتَفِظُ بمآسيها ذاكرةُ الأمَّة .. ولئن كان شُهداءُ تلك المجْزرةِ الشنيعة، الْتَحقوا بإباءٍ وشرف وعزَّة بإخوانهم الذين ضَحُّوا بأرواحهم، عَبْر المُقاوماتِ الشعبية المتتالية، وخلالَ ثورةِ التحرير المجيدة، فإنَّ تضحياتِهم تلك سَتَظلُّ مَرْجِعًا مُشرِقًا قويًا، شاهدًا على ارتباط بناتِ وأبناء الجالية بالوطن .. وعلى ملحمة من ملاحم كفاح الشعب الجزائري المرير عبْر الحقب، ذودًا عن أرضِنا المباركة .. وغِيرةً على هُوِّيةِ الأمة، وتَرسيخًا لوحدتها .. محطَّةَ خالدَة في تاريخ ثورتنا المجيدة وإنَّنا ونحن نُحيي هذه المحطَّةَ الخالدَة في تاريخ ثورتنا المجيدة، ونَترحَّمُ بخشوعٍ على أرواح شهدائِنا الأبرار .. أُولئك الذين صَنَعُوا بشجاعةِ الأبطال .. ومواقفِ الشُّرفاءِ، قبل ستين عامًا، مَشْهدًا خالدًا للدِّفاعِ عن شرف الأمة .. وترجموا به التَّعَلُّقَ بالحرية والكرامة .. نترحَّم عليهم، في هذه الذكرى وعلى قوافل شهداء الوطن المُفدَّى، في كل مراحل المقاومة والكفاح بإجلالٍ وإكبار .. التَّعاطي مع ملفَّاتِ التاريخ والذاكرة، بعيدًا عن أيِّ تَرَاخٍ أو تَنازُلٍ، وبروحِ المسؤوليةِ ومنأى عن تأثيراتِ الأهواء وعن هيمنة الفكر الاستعماري الاستعلائي على لوبياتٍ عاجزةٍ عن التحرُّرِ من تَطرُّفها المُزمن ووفاءً لأرواحهم الزكية، فإنَّ هذه المناسبةَ، تُتِيحُ لي تأكيدَ حرصِنا الشَّديد على التَّعاطي مع ملفَّاتِ التاريخ والذاكرة، بعيدًا عن أيِّ تَرَاخٍ أو تَنازُلٍ، وبروحِ المسؤوليةِ، التي تَتَطَلَّبُها المعالجةُ الموضوعية النزيهة، وفي منأى عن تأثيراتِ الأهواء وعن هيمنة الفكر الاستعماري الاستعلائي على لوبياتٍ عاجزةٍ عن التحرُّرِ من تَطرُّفها المُزمن .. وفي هذا الإطار يَنْبَغِي أن يكونَ واضحًا، وبصفة قطعية، بأنَّ الشَّعبَ الجزائريَ الأبيَّ المُعتزَّ بجذورِ الأُمةِ، الضَّاربةِ في أعماقِ التاريخ، يَمضي شامخًا، بعَزْمٍ وتَلاحُمٍ، إلى بناءِ جزائرَ سيِّدةٍ قويَّة .. جزائرَ ديمقراطيةٍ، مُحصَّنَةٍ بمؤسساتِها، ومُصَمِّمةٍ على الوفاءِ بالتزاماتها، وأداءِ دورها كاملاً لخدمةِ الاستقرار والأمن في المنطقة، والمُساهمَةِ في مسعى التعايش والتعاون النبيل، على المستوى الإقليمي والدولي. عنايةً خاصّةً للتكفُّلِ الأمثلِ بكافَّة انشغالات جاليتنا، وحمايةِ مَصَالحها، يَجْدُرُ في هذه المناسبةِ – أيضًا – أَنْ أُشيرَ إلى الأهميةِ التي نُوليها لجاليتِنا بالخارج، وهي جزءٌ من نسيجِنا الوطني .. وأَدْعُو، في هذا الشأن إلى مدِّ جُسُورِ التَّواصل، لتَمْكينِها من الانخراط في الجهودِ المبذولة لتحقيق الالتزامات التي تعَهَّدنا بها أمام الشعب .. وفي هذا السِّياق، فإنَّني أُولي عنايةً خاصّةً للتكفُّلِ الأمثلِ بكافَّة انشغالات جاليتنا، وحمايةِ مَصَالحها، إِذْ يَتَعَيَّنُ على مراكزِنا الدبلوماسية والقنصليةِ، تطويرُ أساليبِ عملِها، من حَيْثُ التفاعلُ مع أبناءِ الجالية، واعتمادُ أَحدثِ الأساليبِ في مجالِ التَّسيير القُنصلي، لرَفْعِ كُلِّ مَظاهر الغبْن، التي يُعاني منها المواطناتُ والمواطنون المقيمون خارجَ البلاد .. ولا يفوتني، في هذا المقام، التنويهُ عاليًا بمواقفهم الوطنيةِ المشرِّفة، التي أَبانُوا عَنْها في كلِّ مرّةٍ، عَبْر الهَبَّاتِ التَّضامُنيةِ المُبهرة، في أوقاتِ المحن والشدائد .. وَلاَ غَرْوَ، فَفِي عُروقهِم، يَسْري دمُ الآباء والأجداد، من الشهداء والمجاهدين .. وَأَنْ أَتوَّجَهَ إلى كلِّ جزائريةٍ وإلى كلِّ جزائريٍّ، بالدعوةِ للانضمامِ إلى مَسَارِ التَّأْسِيسِ لعَهْدٍ واعدٍ، لا مكانَ فيه لِزُرَّاعِ اليَأْس.. ولأَعداءِ الاستحقاق والكفاءة .. أُولئك الَّذينَ دَرَجُوا على تَثْبيطِ العزائم .. وكَبْحِ المُبادراتْ .. وَتَوارَثُوا تَواطُؤَ العصابةِ وتآمرها، لِعَرْقَلة بَعْثِ الاقتصاد الوطني .. والتَّشكِيكِ في إرادةِ الوطنيين المخلصين، الراميةِ لتخليصِ المجتمع من اسْتِنْزافِهم لخيراتِ البلاد بالتّحَايُل والنَّهبِ والتبذير.. والَّذينَ ما فَتِئْتُ أَتَوَعَّدُهم بسُلطانِ القانون.. وبئْسَ المصير .. الجزائر مُقدِمَةُ بحزمٍ على شَلِّ أذْرُعِ هذه العصابةِ الماكرة وإنَّ الجزائر المُقدِمَةُ بحزمٍ على شَلِّ أذْرُعِ هذه العصابةِ الماكرة .. وكَشْفِ خُبْثِها في تحريك أدوات التَّعطيلِ والتَّيْئيسْ .. تحتضن بِكُلِّ ترحابٍ واعتزاز، جميعَ بناتِها وأبنائِها من الجالية في كُلّ أصقاع العالم .. وتُثمِّنُ القُدرات والكفاءَات، وتدعوهم للمُساهمةِ في مشروعِ نَهْضَةِ الأُمَّة، بِفَتْحِ الأُفقِ أمامَ عبقريةِ الأجيالِ الجديدة في الداخل والخارج، لاسْتكمالِ مسيرةِ الشهداء الأبرار، والوَفَاءِ لرسالتِهم الخالدة.