يأبى شهر نوفمبر 2014 إلا أن يواصل حصد أرواح الفنانين والمشاهير العرب، إذ أعلن في بيروت عن وفاة الشاعر اللبناني الكبير سعيد عقل، وهو في ال 102 من عمره. ولد سعيد عقل في زحلة في 4 جويلية 1912 وتلقى تعليمه الأول في مدرسة "المريميين"، وكان يرغب في التخصص بالهندسة، لكن شاء القدر أن يتعرض والده لخسارة مالية فادحة أجبرته على ترك المدرسة والعمل لمساعدة أسرته. انتقل سعيد عقل إلى بيروت للإقامة الدائمة فيها، خاصة بعدما بات يكتب في الصحافة المحلية، كما تابع تحصيله العلمي في مدرسة الآداب العليا ومدرسة الآداب التابعة للأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة وفي الجامعة اللبنانية، ومن ثم انتقل إلى مرحلة التدريس فألقى محاضرات في تاريخ الفكر اللبناني في جامعة الروح القدس، كما ألقى دروسا لاهوتية في معهد اللاهوت في مار أنطونيوس الأشرفية. أبدع الشاعر الراحل أعمالا أدبية بين الشعر والمسرح، منها المأساة الشعرية "بنت يفتاح" التي يصفها النقاد بأنها أولى مسرحيات لبنان الكلاسيكية ونالت جائزة "الجامعة الأدبية" في ثلاثينات القرن الماضي. وكتب عقل قصيدة "فخر الدين" الطويلة التي رفعته الى مستوى أعلى في الشعر. تبلورت لدى سعيد عقل أفكار حول لبنان وعدم انتمائه إلى الأمة العربية، وهو ما عبر عنه في أكثر من تصريح وعمل أدبي، منها مسرحية "قدموس" في عام 1944، فبات عقل يحمل ويروج لفكرة القومية اللبنانية، كما كتب في عام 1960 "لبنان إن حكى"، يسرد من خلاله "أمجاد لبنان بأسلوب قصصي بين التاريخ والأسطورة". بالإضافة إلى إبداعاته الأدبية كتب سعيد عقل قصيدة الأغنية، تغنى فيها بالحب وبالجمال، وغنت له السيدة فيروز العديد من قصائده التي عبر بها عن حبه لدمشق واعتزازه بها، ويذكر من هذه القصائد "سائليني" و"يا شام عاد الصيف" و"شام يا ذا السيف" و "غنيت مكة". يعد سعيد عقل شاهدا على التاريخ اللبناني المعاصر ابتداء من سقوط الدولة العثمانية وخضوع لبنان للانتداب الفرنسي واستقلاله، بالإضافة إلى المراحل العصيبة التي عصفت بلبنان، سيما الحرب الأهلية والاجتياح الإسرائيلي، الذي كان له موقف خاص إزاءه.