تستضيف مدينة قالمة، منذ امس الطبعة الثانية من الملتقى الخاص بحياة الرئيس الراحل هواري بومدين تحت شعار " من أجل دولة لا تزول بزوال الرجال والحكومات"، ، محمد بوخروبة الذي رحل عنا صبيحة يوم الأربعاء 27 ديسمبر 1978 حيث فجعت الجزائر و الأمة العربية برحيل الرجل الذي عرف بالمواقف والمبادئ والشهامة إذ دعم كل القضايا عربية أو تحررية عالمية عادلة، فقد وهب نفسه لخدمة الجزائر و كل العرب. محمد بوخروبة من مواليد 23 أوت 1932 بدوار بني عدي غرب مدينة قالمة الواقعة ، ابن فلاح بسيط من عائلة كبيرة العدد ومتواضعة ماديا . زاول تعليمه باللغة العربية في المدرسة القرآنية و بالفرنسية بالمدرسة الابتدائية بمسقط رأسه، ثم ذهب إلى قسنطينة لمتابعة دراسته في المدرسة الكتانية. و طوال هذه الفترة، ابتدأ حياته الثورية حيث انخرط في صفوف حزب الشعب الجزائري، بعدها واصل الدراسة في جامع الزيتونة بتونس ثم بالجامع الأزهر بالقاهرة. وعند اندلاع الثورة التحريرية المباركة في غرة نوفمبر 1954 التحق هواري بومدين بجيش التحرير الوطني، وكان مسؤولا عسكريا في منطقة الغرب الجزائري ، وتولى قيادة وهران من سنة 1957 الى سنة 1960 ثم رئاسة الأركان من 1960 الى تاريخ استرجاع الاستقلال في 5 جويلية 1962 ، وعين بعد الاستقلال وزيرا للدفاع ثم نائبا لرئيس مجلس الوزراء قبل أن يتولى رئاسة البلاد في 16 جوان 1965 . وخلال فترة حكمه وضع بومدين أساس الجزائر الحديثة بعد تحررها وصاحب نهضتها ، حيث أتبع ثورة التحرير بثورة صناعية وثورة زراعية وثورة ثقافية. كما كانت مواقفه ثابتة اتجاه القضايا العربية والإنسانية وله إيمان راسخ و شديد بحق الشعوب في تقرير مصيرها وفي هذا الخصوص قد توج بحصوله عام 1976 على ميدالية السلام التي منحتها إياه الأممالمتحدة عرفانا وتقديرا له على جهوده المتواصلة في الدفاع عن مبادئ السلم والعدالة في العالم . ومن أهم إنجازات الرئيس الراحل في 24 فيفري 1971 إذ أعلن عن قرار تأميم المصالح الفرنسية النفطية، واسترجاع 51بالمائة من ثرواتها النفطية التي كانت في حوزة شركات فرنسية وكذا تأميم كل الثروات المنجمية الغازية وشركات نقل المحروقات. إضافة إلى التعليم و الطب المجانيين لكل المواطنين على حد سواء ، بالتوازي مع سياسة التنمية قام هواري بومدين بوضع ركائز الدولة الجزائرية وذلك من خلال وضع دستور وميثاق للدولة . من جهة من شهدوا على هواري بومدين وفي مذكراته عن الحرب ، كشف الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية في تلك الفترة أن دور الجزائر في حرب أكتوبر كان أساسيا وقد عاش بومدين ومعه كل الشعب الجزائري تلك الحرب بكل جوارحه ، وشاركت جميع الدول العربية تقريبا في حرب 1973 طبقا لاتفاقية الدفاع العربي المشترك. وفي هذا الشأن شاركت الجزائر في حرب أكتوبر على الجبهة المصرية بالفوج الثامن للمشاة الميكانيكية ، و كان الزعيم هواري بومدين قد طلب من الاتحاد السوفيتي شراء طائرات وأسلحة لإرسالها إلى المصريين . وفي حوار أجراه الشاعر الراحل محمود درويش مع الرئيس الراحل ياسر عرفات، تطرق فيه الأخير إلى التأييد الأول الذي تحصلت عليه الثورة وهي في مهدها من الجزائر، وأن أول مكتب فتح للثورة كان بالجزائر. كما أن جزائر بومدين لم تبخل يوما على الثورة في أي طلب في كافة المجالات فاتحة ذراعيها لاحتضان الثورة الفلسطينية .