دعا ابن موريس أودان شهود حرب التحرير الوطني إلى "قول الحقيقة" و "تسليم الوثائق" حول اغتيال والده من قبل الجيش الفرنسي منذ 61 عاما. وفي تدخله على أمواج فرانس انتري قال بيار أودان انها "بداية مرحلة جديدة" بعد التصريح الذي أدلى به الرئيس ايمانويل ماكرون الذي اعترف فيه بمسؤولية الدولة الفرنسية في اختفاء و اغتيال والده. وفي رده للصحفي، صرح بيار أودان "انها بداية مرحلة جديدة. الأهم هو أن رئيس الجمهورية اعترف بأن التعذيب كان سلاحا سياسية يهدف إلى ترعيب السكان و قرر فتح الأرشيف حول كافة المختطفين وليس فقط والدي"، داعيا الشهود إلى قول الحقيقة. وأضاف "يجب من الآن فصاعدا قول الحقيقة و تسليم الوثائق التي ستسمح لوالدي وكذا آلاف الآخرين بمعرفة ما جرى بالتدقيق"ي معربا عن تأسفه لكون اعتراف الدولة الفرنسية بمسؤوليتها في هذه الجريمة تطلب 61 سنة. وقال أنه كان من الواضح آنذاك بأن "إعلان الجنود عن فرار أحد المناضلين كان يعني بأنه تم اغتياله". واعترفت فرنسا رسميا ولأول مرة أنها أسست "لنظام" يلجأ إلى "التعذيب" إبان حرب التحرير الوطني. وذكرت رئاسة الجمهورية الفرنسية في بيان لها أن المناضل من أجل القضية الجزائرية موريس أودان "مات تحت وطأة التعذيب جراء النظام الذي أسسته فرنسا آنذاك بالجزائر". وفي تصريح سلمه لأرملة موريس أوداني دعا إيمانويل ماكرون إلى تعميق العمل لكشف الحقيقة فيما يتعلق بحرب الجزائر. الاعتراف سيترك "أثرا أبديا" أكد المؤرخ بنجامين ستورا أن اعتراف الدولة الفرنسية بمسؤوليتها إزاء اغتيال المناضل من أجل القضية الجزائرية "موريس أودان" بتاريخ جوان 1957 "سيترك أثرا يستحيل محوه". ولم يستبعد بنجامين ستورا، في مقال له نشرته جريدة لوموند، كون هذا التصريح "فرصة لاعتلاء أصوات أولئك الذين سيصفون هذا التصرف +بالتوبة+ لاسيما لدى اليمين المتطرف، وأنه ينبغي ألا يرفع الستار عن ماضي فرنسا"، مضيفا أن هذا التصريح "سيترك أثرا لا يندثر أبدا" بالنسبة "للأغلبية الساحقة" لأولئك الذين عاشوا أيام الاحتلال. وبالنسبة للمؤرخ، فإن اعتراف الرئيس ماكرون "ليس حكما نهائيا بخصوص الثورة الجزائرية، و إنما هو سرد لأحداث كان قد أثبتها المؤرخون، وسيترك باب الجدال بين المواطنين مفتوحا للتخلص من اجترار الماضي والجروح الراسخة في الذهن، وبالتالي تشجيع المشاركين في الحرب والشهود على الإفصاح عن معاناتهم". كما سيسمح هذا الاعتراف، يضيف المؤرخ، بإعادة خلق أدوات تخليد ذاكرة "لم تُغلق أبوابها أبدا"، مشددا على ضرورة فتح أرشيف الثورة الجزائرية على ضفتي البحر المتوسط". ومن جهتها، اعتبرت المؤرخة ومديرة بحث بالمعهد الوطني للبحوث العلمية بفرنسا (سي.أن.أر.أس)، سيلفي تينو، في مقال لها نشرته كذلك جريدة "لوموند" أن تصريح الرئيس الفرنسي يعد قبل كل شيء "تحررا" للأرملة "جوزيت" وأبنائها. وأشارت إلى أن الأثر الأخر و الذي لا يقل شأنا لهذا التعميم الممكن انطلاقا من حالة موريس أودان يكمن في أن "الاعتراف بمسؤوليات الدولة يثير قضية المسؤوليات الفردية في أعمال التعذيب". وأكدت تقول في الأخير أنه "في غياب المتابعات القضائية -بنظر لحمايتهم بقانون العفو لسنة 1962- فسيبقى لكل واحد منهم أن يحاسب نفسه". واشنطن بوست: اعتراف فرنسا يعد " تاريخي لكن "غير كاف" نقلت صحيفة واشنطن بوست أن اعتراف فرنسا بلجوء العسكريين الفرنسيين بشكل منهجي الى التعذيب ابان حرب التحرير الوطني يعد " قرار تاريخي" لكنه "بعيد من أن يكون كافيا"، معتبرة في هذا الصدد أن في فرنسا هناك دوما " تحفظ" في تحمل ارث العنف الاستعماري في الجزائر. في تحليل تخللته أولى ردود الفعل الصادرة عن مؤرخين و ملاحظين الفرنسيين تؤكد اليومية الأمريكية المرموقة أن هذا الاعتراف يعد إجراء بمثابة "سابقة (من فرنسا) التي تواجه ارثها المكبوت من الجرائم الاستعمارية". وفي خطوة وصفتها الصحافة الدولية بالتاريخية، اعترف الرئيس الفرنسي اليوم الخميس بمسؤولية الدولة الفرنسية في اغتيال موريس أودان الذي عذب حتى الموت معترفا رسميا بلجوء العسكريين الفرنسيين الى نظام التعذيب التي تم اقامته بشكل شرعي ابان حرب التحرير الوطني. وقال المؤرخ بنيامين ستورا في تصريح لواشنطن بوست "هذا الأمر سيسمح لنا بتحقيق تقدم و بالخروج من النكران". وتذكر ذات الصحيفة أن "البلد واجه عند ثورانه سنة 1954 قمعا وحشيا" معتبرة في هذا الشأن أن حرب الجزائر "مثيرة للجدل و تنازعية" أكثر من حرب فيتنام، بكل ما تحمله هاته الأخيرة من ارث استعماري. وتشير ذات الصحيفة الى أن الاعتراف يثير "مقارنات" مع قرار جاك شيراك عام 1995 القاضي بالاعتراف بالمسؤولية الكاملة لفرنسا و نظام فيشي في عمليات التفتيش فيل ديف حيث تم القاء القبض على الآلاف من اليهود و اعادة طرح العديد من ملفات الاستعمار. ويرى نفس المؤرخ أنه سيكون من الصعب بالتأكيد بالنسبة لخلفاء ماكرون التراجع عن هذا القرار. وتضيف اليومية الأمريكيةواشنطن بوست أنه "اذا تطرق الرئيس الفرنسي الى الشأن الاستعماري" تظل التحفظات بشأن العنف الاستعماري على غرار القتل القمعي الذي وقع في 17 أكتوبر 1961 قائمة". الصحافة الفرنسية تشيد بالالتفاتة "التاريخية" للرئيس ماكرون تجاه موريس أودان أشادت الصحافة الفرنسية بالالتفاتة "التاريخية" للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي اعترف رسميا الخميس بمسؤولية الدولة الفرنسية في اغتيال موريس أودان في يونيو 1957. وعنونت جريدة لوموند صفحتها الأولى "حرب الجزائر: الالتفاتة التاريخية لإيمانويل ماكرون". وكتبت الجريدة "بعد عدة أشهر من التفكير، قرر الاعتراف بمسؤولية الدولة الفرنسية في موت عالم الرياضيات الاشتراكي موريس أودان المناضل من أجل استقلال الجزائر الذي أوقف في 11 يونيو 1957 إبان معركة الجزائر وعذب من طرف الجيش الفرنسي". وأضافت أنه للمرة الأولى التي "يعترف فيها أن الدولة الفرنسية قد فشلت حين سمحت باللجوء لتعذيب خلال حرب الجزائر". وخصصت الجريدة لهذا الملف أربع صفحات ومقالات لمؤرخين على غرار بنجامين ستورا وسيلفي تينول وكذا حوار مع رفاييل بلونش. كما يتطرق مقال طويل في إحدى الصفحات "لجريمة فرنسية"، مذكرة أنه منذ إحدى وستين سنة تصارع عائلته وأقاربه لمعرفة الحقيقة حول وفاة هذا المناضل. وفي تحليل لها اعتبرت الجريدة أن "جروح الذاكرة بين الجزائروفرنسا تظل دائما مفتوحة". وكتبت "بعد اعتراف إيمانويل ماكرون باللجوء للتعذيب إبان حرب الجزائر فان الحسابات لا تزال لم تصفى بعد بين البلدين"، معتبرة أن "تصريح الرئيس ماكرون يعد "خطوة حاسمة في عمل الذاكرة البطيء والحساس بين البلدين". من جهتها، جريدة "ليمانيتي" التي طالما ناضلت من أجل الحقيقة حول اختفاء موريس أودان جعلت في صفحتها الأولى صورة للمناضل أودان واختارت عنوان "أخيرا، الاعتراف بجريمة دولة". ونشرت إعلان الرئيس ماكرون على إحدى صفحاتها. وأشارت في مقال يدعو الى الاعتراف بالجرائم المرتكبة في حق الآلاف من الجزائريين المختفين قسرا "في بلد تركت حرب تحرير دامت سبع سنوات جراحا لازالت مفتوحة، تبقى قضية أودان رمزا للوحشية المقترفة من طرف الجيش والدولة الفرنسيان". وفي افتتاحية لها معنونة "موريس أودان والتعذيب في الجزائر: اعتراف ايجابي" كتبت جريدة ليبراسيون " ان الالتفاتة ذات الرمزية العالية لإيمانويل ماكرون هي نتيجة لعمل بدأ منذ مدة". وحسب الجريدة فان بعض الأصوات لليمين واليمين المتطرف بدأت تتعالى "لاستنكار هذه +التوبة+ التي تدنس +الهوية الفرنسية+ المقدسة. كما علقت الصحافة الجهوية على الاعتراف بمسؤولية الدولة الفرنسية في التعذيب والاغتيالات خلال حرب التحرير الوطنية. واعتبرت جريدة لالزاس أن فتح الأرشيف "من شأنه أن يمكن من تسليط الضوء على العديد من الأحداث التي وقعت خلال حرب الجزائر"، مؤكدة أن "معرفة ذلك أمر أساسي وتحمله ضروري". ونال هذا الحدث اهتمام الصحافة الفرنسية حيث أنه ومنذ اعلان ذلك على الاذاعة لم تتوقف قنوات التلفزيون ومواقع الأخبار عن نشر الأخبار والتعاليق والتحاليل والحوارات.