ذكرت تقارير صحفية أن عددا من كبار المسؤولين المصريين عقدوا عدة لقاءات خلال الأيام القليلة الماضية مع عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية، في محاولة لإقناعه بالعدول عن قراره الذي سبق وأعلن عنه بعدم رغبته في تمديد مهمته كأمين عام للجامعة العربية والمقرر أن تنتهي في ماي 2011. وكان موسى قد صرح أكثر من مرة خلال الأشهر الماضية، بما في ذلك أمام القمة العربية الأخيرة المنعقدة في نهاية شهر مارس الماضي بمدينة سرت الليبية، بأن عشر سنوات في منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية تكفى وأنه لا رغبة له في المضي أكثر من ذلك في تحمل مسؤولية لا تبدو الدول العربية مهتمة كثيرا بدعمها. وتقول التقارير إن الحيثيات المقدمة لموسى لمطالبته بالبقاء والترتيب المطروح عليه للبقاء قد تدفعه لإعادة النظر في الرحيل عن الجامعة العربية. وأشارت إلى أن القاهرة تبدو مهتمة الآن بالنظر فيما طرحه موسى على قمة سرت من مبادرة للجوار العربي تشمل دوائر آسيوية وأوروبية، والأهم أفريقية فيها معظم دول حوض النيل الذي وقعت خمس من بين سبع من دول منبعه مؤخرا اتفاقية تنال من حصة مصر من مياه النيل. وحسبما ذكرت صحيفة "الشروق" المصرية، فإن الحذر يسيطر على علاقات المسؤولين المصريين بالأمين العام لجامعة الدول العربية لما يقولون به من أن موسى "خرج من وزارة الخارجية" في عام 2001 بعد ترشيحه من الرئيس حسنى مبارك للمنصب الأعلى في المنظمة العربية، "مغضوبا عليه" بسبب مواقفه وتصريحاته المعلنة ضد السياسات الإسرائيلية والأمريكية في المنطقة العربية. لكن استقبال مبارك لموسى في مقر رئاسة الجمهورية المصرية في 23 ماي الماضي، والذي كان الأول بين الاثنين منذ أشهر، كان له تأثير جديد. وصرح موسى عقب لقاء مبارك، بأنه لم يتخذ قرارا بشأن البقاء في منصبه أمينا عاما للجامعة لما بعد العام المقبل 2011 حيث تنتهي ولايته الثانية. وقال ردا على سؤال إذا كان سيبقى أمينا عاما للجامعة العربية بعد عام 2011، أنه يجري حاليا "بعض الترتيبات للتوصل إلى قرار نهائي في هذا الشأن، خاصة وأن هناك وقتا متاحا لمناقشته". وكان موسى، الذي تنتهي ولايته الثانية على رأس جامعة الدول العربية في ماي للعام 2011، أعلن نهاية العام الماضي انه لن يترشح لفترة جديدة. وسبق ان طالبت الجزائر بتدوير منصب الأمين العام وعدم قصره على دولة المقر (مصر) وإتاحة الفرصة للدول العربية لتقديم مرشحين لتولي المنصب، لكنها سحبت هذا المقترح إثر اتصالات مصرية- جزائرية قبل القمة العربية التي عقدت بالجزائر عام 2005. لكن مصر تؤكد على ضرورة ان يكون الأمين العام المقبل للجامعة العربية مصريا، وتقول ان اختيار الأمين العام من البلد التي يتواجد فيه مقر المنظمة العربية هو أمر يسهل من قيامه بمهام عمله حسب ما تدعيه القاهرة. وقال دبلوماسيون عرب في وقت سابق إن موسى لن يقبل اقتراحات، أو حتى ضغوط، لتمديد مدة منصبه المفترضة النفاذ في ماي 2011 ولو لمدة عامين، بينما أكد مصدر رسمي مصري أن تقدير القاهرة هو "أن موسى ليس منفتحا على فكرة التمديد وأنه يرى أنه فعل ما بوسعه منذ أن قبل بمنصبه والذي تولاه في ماي 2001". ولكنهم أكدوا أن موسى، بما له من مواقف اتخذها خلال عمله وزيرا لخارجية مصر في عقد التسعينيات، له مكانة في الشارع العربي وفى الدوائر الرسمية العربية تجعل من الممكن القبول بالتمديد له. ولكن في حال عدم التمديد لموسى فإن الأمر، على حد قول أحدهم "ليس مجرد أي مسؤول مصري". الجزائر وتدوير المنصب كانت الجزائر أكدت في وقت سابق تمسكها بمبدأ تدوير منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية واتهمت القاهرة بمحاولة إبقاء احتكارها للمنصب مع قرب انتهاء ولاية الأمين الحالي عمرو موسى. وقال عبد العزيز بلخادم وزير الدولة، الممثل الشخصي للرئيس عبد العزيز بوتفليقة في تصريح صحفي سابق، "'لست معنيا بالترشح لهذا المنصب، والجزائر ليس لديها أية مشكلة مع الرئاسة المصرية للجامعة العربية إذا كانت هذه إرادة غالبية الدول الأعضاء''، غير أنه شدد بالمقابل بأن الجزائر متمسكة بمبدأ تدوير منصب الأمين العام لأنه لا يوجد في السياسة حقوق مكتسبة. وفي المقابل، أكد وزير الخارجية المصري احمد أبو الغيط في تصريحات سابقة له أن الأمين العام المقبل لجامعة الدول العربية بعد انتهاء ولاية الأمين الحالي عمرو موسى سيكون مصريا. وقال في حديث مع التلفزيون المصري إن "الأمين العام المقبل للجامعة العربية سيكون مصريا والعرب متفقون على هذا المنهج". وأوضح أن "اختيار منصب الأمين العام للجامعة العربية يكون من البلد التي يتواجد بها مقر المنظمة العربية وهو أمر يسهل من قيامه بمهام عمله"، مؤكدا على وجود "إجماع عربي على هذا الأمر" حسب ما يدعيه.