أظهر أحد التحقيقات الصحفية أن مطربو الراي ومطرباته أكثر غنى من مهندس في سونطراك أو جراح في أي مستشفى كبير، ولا مجال للمقارنة بينهم وبين المعلمين، فبعض المطربين الذين لم يلمع اسمهم بعد ويعيشون في الكباريهات ليلا وينامون نهارا يملكون بدل الفيل الواحدة اثنين وثلاثة وبدل المحل أربع وخمسة، أما السيارات فتشكيلات مختلفة من المرسيدس آخر طراز إلى ما لم ترى عين الزوالي ولا سمعت أذنه عن السيارات الحلم، ما الذي مكن الرداءة لأن تصبح بهذه القيمة المالية، فلا الحاج درياسة حقق كل هذا الثراء ولا عمر الزاهي الذي يعرفه الناس يعيش في بيته العتيق وفي حيه العتيق بتواضع قل نظيره، إذا ثمة من يشع هذه الخلاعة ، وهذا العفن الذي يسمونه فن، فلو كان أمثال الشابة خيرة التي صار عمرها في عمر الجدات وأمثال مخلوق لم يحدد لحد الآن جنسه "الشاب عبدة" وغيرها من هذه الأشكال التي أساءت للفن وللوطن يحترمون ما الفن ما غنوا في كباريهات، ولما سجلوا شريطا في كل ساعة، ولما سمحوا لأنفسهم بأن يهرق "البقارة" عليهم المال على رؤوسهم، ولأننا في سنة القحط الفكري والخواء الروحي، وفي زمن الراي بامتياز بعد موت العلوم والثقافات والتكنلوجيا فما على الشباب الذي تعب وكد العمر كله ثم رمي إلى البطالة إلا أن يشتغلوا "رقاصة " فالرقص يدر المال ويدر فيلات وعمارات وسيارات، والهندسة مفقرة وتجلب التعاسة، وقريبا سيصبح الناس يعايرون بعضهم بعضا "يا مهندس يا دكتور انت، ويا متعلم" ويضحك الجاهلون على الألقاب، ومن يدري ربما تقول لأحدهم انت مهندس او دكتور فيرد عليك "حاشاك ".