تحدث الدكتور محمد علي أذرشب مستشار وزير الثقافة و الإرشاد الإسلامي الإيراني في محاضرة ألقاها أول أمس بمكتبة جامعة تلمسان إلى عمق المقاومة في الثقافة الإنسانية عموما و إلى المقاومة في الأدب العرفاني أو الصوفي خصوصا لأنه يرى بأن أعداء المقاومة الذين يريدون استئصال مقومات الحياة في وجود الأمة يحاولون أن يعرفوا الدين بأنه دعوة للإنزواء وترك الإنشغال بساحة الحياة كما تحدث الدكتور عن العرفان الحقيقي أين عرفه بأنه معرفة الإنسان لنفسه وموقعه من الكون و الحياة و الخالق و أخيه الإنسان وقال بأن هذه المعرفة ترفع الإنسان عن الإنشداد بتوافه الأمور ويتجه نحو مثله الأعلى السامي في الحياة وبذلك يقاوم كل عوامل الضعف و الهزيمة والاستسلام في نفسه وفي مجتمعه وعرف الدكتور علي العرفان أو التصوف بأنها الحركة نحو الله عن معرفة وفهم لمسؤولية فالإنسان الذي يعيش لمتطلبات ذاته هو حبيس ذاته لا يتحرك على طريق كماله ، وأكد مستشار وزير الثقافة الإيراني على أن العرفان يبدأ بالخروج من سجن الذات وبنمو الإنسان في جميع المجالات المعنوية و المادية مشيرا في نفس الوقت إلى أن النمو هو المظهر الأول للحياة و الحياة بحسبه لابد أن تقترن بالمقاومة فالجسم الحي إذا فقد المقاومة مات والمجتمع الحي إذا فقد المقاومة هان و ذل و تمزق وتشتت ،و أوضح محمد علي آذرشب بأن العرفان ليس التصوف الخنقاهي كما يسمى الذي اتجه بفعل حالة التخلف الإجتماعي إلى حصر العرفان في زوايا أو تكايا لينشغل جماعة في الذكر دون أن يكون لهم أي تأثير على الواقع الإجتماعي ، إن لم يساهم في تكريس التخلف و الإنحراف ، مشيرا في ذلك إلى عرفان ابن عربي وجلال الدين الرومي وحافظ وسعدي والخميني و الأمير عبد القادر و أمثالهم الذين وجد عندهم العرفان الحقيقي ثم المقاومة الحقيقية,كما تطرق ذات المتحدث إلى أن العرفاء في خطابهم الأدبي استشاروا أشواق السمو والكمال في نفس الإنسان ، ودعو البشرية إلى التخلص من ذاتيتها و أنانياتها ، واستخدموا رمز الخمرة لهذا التخلص ، كما دعوا إلى العشق باعتباره النار التي تضطرم في نفس الإنسان وتجعله لا يهدأ و لا يستقر و لا يخلد إلى الراحة والبطر ولا يركن إلى الذين ظلموا ليعيش على فتات موائدهم مؤكدا على أن هذه الدعوة هي أساس كل مقومة حقيقية صادقة مخلصة في الحياة .وقال محمد علي بأن عالمنا الإسلامي اليوم مفعم بالفرص و التحديات المتمثلة في صحوة رفعت مستوى وعي الأمة وثقتها بنفسها وإرادتها في العودة إلى هويتها وذاتها ، وتطلعها إلى إستئناف مسيرتها الحضارية على مستوى متطلبات العصر . والتحديات تتجلى بإثارة النعرات العنصرية والطائفية وبخلط الأوراق. وللإشارة فأن محمد علي أذرشب حاصل على دكتوراه في الثقافة العربية وعلوم القرآن من جامعة طهران تقلد عدة مناصب مهنية من مدرس ثانوي إلى أستاذ جامعي إلى رئيس تحرير مجلة رسالة التقريب ، ألف سلسل كتب في تاريخ الأدب العربي إلى جانب دراسات ومقالات عن الأدب و الفكر.