لا تزال مختلف الأسواق بالعاصمة تعرف التهابا بسبب الارتفاع الجنوني للأسعار منذ الأشهر الأخيرة ازدادت حدته قبل حلول شهر رمضان المبارك. وخلال جولة ميدانية قادتنا أمس إلى بعض أسواق العاصمة، لاحظنا أن مختلف المواد لا تزال تعرف ارتفاعا رغم تراجعها الطفيف في الأيام الأخيرة، حيث تقدر أسعار اللحوم الحمراء ب 850 دج بكل من سوق مارشي 12 بحي بلكور الشعبي والسوق البلدي بعين النعجة وسوق رضا حوحو المعروف ب"كلوزال"، في حين يعرضها بعض الجزارين بسوق علي ملاح للبيع ب 900 دج للكيلوغرام الواحد. وأجابنا أحد الجزارين ساخرا، خلال استفسارنا عن سر التصاعد المستمر للأسعار قائلا: "الغلاء شمل كل المواد الاستهلاكية ، فلما لا بالنسبة للحوم الحمراء، والأسباب باتت مألوفة لدى العام والخاص، حتى أن أحدهم أجاب قائلا "الأسعار مثل البورصة كلما اقترب شهر رمضان تزيد حدة جنون الأسعار". أما بالنسبة لأسعار الدجاج فتكاد تكون نفسها بأسواق علي ملاح ومارشي 12 وكلوزال بفارق 10 دج حيث تتراوح بين330 و350 دج للكيلوغرام ،على خلاف سعر اللحوم البيضاء التي تعرف انخفاضا ملحوظا بالسوق البلدي بعين النعجة والذي يقدر ب 290 دج. من جهته برر أحد البائعين أسباب التهاب الأسعار إلى تراجع إنتاج اللحوم البيضاء بسبب ارتفاع عدد الحرائق، مما أدى إلى تسجيل نقص الدجاج المعروض للبيع مع ارتفاع الحرارة. أسعار الخضر والفواكه لم تسلم هي الأخرى من عدوى الالتهاب ، فسعر الطماطم يتراوح بين 40 و50 دينارا في سوق عين النعجة ، علي ملاح ومارشي 12، في حين يعرضها العديد من البائعين بسوق كلوزال ب60 دج للكيلوغرام. أما فيما يخص السلطة فقد قفز سعرها إلى 90 و 100 دينار بسوق كلوزال، مقابل 80 دينارا في الأسواق الأخرى حتى مادتي البصل و الجزر اللذين اعتاد المواطن العاصمي على انخفاض أسعارها إلى أدنى المستويات ، تعرف ارتفاعا غير مبرر من طرف التجار ، حيث يتأرجح سعر الأولى بين 30 و 40 دينارا، بينما وصل سعر الثانية إلى 60 دج، كما أن الكيلوغرام الواحد من الليمون تراجع إلى 200 دج بعدما وصل إلى حدود 400 دج. ويجد بعض المواطنين ممن صادفناهم أن البطاطا المعروضة للبيع ب40 و45 دج أو "تفاح الفقراء" كما يحلو للبعض تسميتها لا تزال تعرف ارتفاعا رغم وفرتها في الأسواق واعتبارها مادة أساسية في المطبخ الجزائري. في ظل الغلاء الفاحش تحافظ مادة الفلفل الأخضر على استقرار سعرها المقدر ب70 دج، والأمر سيان بالنسبة للفلفل الحار المعروض ب60 دج، والفاصولياء ب120 دج. ومن بين الخضر التي شهدت انخفاضا مذهلا الكوسة حيث يعرضها البائعون للبيع ب 30 بسوقي علي ملاح وعين النعجة، بل ب 15 دينارا في مارشي 12 الذي يعتبر قبلة العائلات العاصمية محدودة الدخل نظرا لانخفاض أسعاره مقارنة بأسواق أخرى . وفيما يتعلق بالفواكه فقد أجمع أغلب المتسوقين على ارتفاع أسعار العديد منها على غرار الأجاص القدر حاليا ب120 دج، والخوخ الذي يتراوح بين 100 و120 دج، والعنب ب120 دج. ويبقى سعر التفاح الأدنى و يقدر ب60 و70 دج. من جهة أخرى علقت إحدى السيدات التي صادفناها في سوق مارشي 12 عن هذا الغلاء بنوع من السخط و التذمر : "ارتفاع الأسعار ألهب و خوى جيوبنا رغم أن شهر الصيام لم يحل علينا بعد، المواطن البسيط دائما يدفع الثمن ، فأنا أجد نفسي في كل مرة محتارة في ضبط ميزانيتي حسب منحة التقاعد التي أتقاضاها شهريا المقدرة ب1400 دج فقط .، فهي تغطي حتى مصاريف الأكل ، مما يضطرني للاستدانة من بعض الأقارب ، سيما في شهر رمضان الذي يتطلب مصاريف إضافية ." ويتوقع مواطن أخر التهاب الأسعار أكثر مما هي عليه حاليا بمجرد حلول رمضان الذي تحول من شهر التوبة و الرحمة إلى فرصة ذهبية بالنسبة للتجار لمضاعفة أرباحهم على حساب القدرة الشرائية للعائلات البسيطة التي كبلتها قدرتها الشرائية المتواضعة بسلاسل من حديد . من جهتهم برر بعض البائعين ارتفاع أسعار هذه المواد الفلاحية ذات الاستهلاك الواسع بكثرة الوسطاء في البيع ، حيث أنهم يشترونها بأسعار هي في الأصل مرتفعة، رغم أن العديد منها تباع في موسمها، فضلا عن اعتماد البعض نظام المضاربة لاحتكار الأسواق . وكان اتحاد التجار قد اعترف بأن الأسواق باتت تميزها الفوضى والعشوائية، ملقيا اللوم على الجهات الوصية التي قال إنها لم تنجح في مراقبة الأسعار والتحكم فيها . كما أن الفوضى العارمة تبقى سيدة الموقف نظرا لعدة أسباب منها أن الجهات المكلفة بتنظيم هذا القطاع الحيوي بكل ما تملكه من وسائل وترسانة قانونية وموارد بشرية عجزت في التحكم في قاعدة العرض والطلب التي أدى اختلالها إلى التأثير سلبا على ا لوضعية الاجتماعية للمواطن البسيط على وجه الخصوص.