ناقش نواب المجلس الشعبي الوطني أمس، مشروع القانون الذي يحدد شروط وكيفيات استغلال الأراضي الفلاحية التابعة للأملاك الخاصة للدولة، وهذا بعد العرض الذي ألقاه أمامهم وزير الفلاحة والتنمية الريفية رشيد بن عيسى. وعلى عكس ما كان متوقعا؛ لم يبد رئيس الاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين محمد عليوي معارضة كبيرة للمشروع، حيث كان تدخله ''فاترا'' قياسا بما بدر منه من معارضة راديكالية للمشروع منذ الكشف عن مضامينه، لاسيما فيما يخص مدة الامتياز، حيث كان نائب الأفلان قد توعد بحشد معارضة شديدة للمشروع وسط نواب البرلمان، كما كانت له خرجات عديدة عبر الصحافة، هاجم فيها المشروع وتوعد بالتصدي له، ولم يستثن من هجومه وزير القطاع. غير أن عليوي اكتفى أمس بمداخلة هادئة، عدّد فيها ما يصفه ب ''سلبيات'' حصر مدة الامتياز في 40 سنة، وقال إن رفعها إلى 99 سنة ''يجعل الفلاح مطمئنا''، كما أبدى المتحدث توجسه من صلاحية نزع حق الامتياز التي منحت للولاة، إذ يرى أنه ''كان من الأولى أن يكون للعدالة وحدها هذا الحق، حتى لا تقع تجاوزات وتعسف من قبل الإدارة، وخاصة في حالة تعرض إطارات الإدارة إلى إغراءات''. وفسر نواب من الأفلان، في أحاديث جانبية، تراجع رئيس لجنة الدفاع الوطني بالغرفة الأولى عن راديكاليته حيال المشروع، إلى التعليمات التي أعطاها أمين عام الحزب عبد العزيز بلخادم إلى النواب، ورسمه ''خطوطا حمراء'' ينبغي عليهم عدم التعرض لها، ومن بينها مسألة مدة الامتياز، وهو ما علق عليه متابعون يومها، بأنه انتصار من بلخادم لوزير على حساب عليوي. من جهة ثانية، لفت أحد المتدخلين إلى غموض يشوب مسألة توريث حق الامتياز لذوي الحقوق في حالة الوفاة، حيث تساءل عن الطريقة التي سيتم بها اختيار ممثل للورثة، وكذا عما أغفله القانون بخصوص إمكانية تقسيم وتجزئة الأرض بين الورثة من عدمها. وبخصوص ذات النقطة، نبّه أحد النواب إلى ''طول المدة التي يمنحها القانون للورثة لتعيين ممثل عنهم''، داعيا إلى تخفيضها من سنة إلى ستة أشهر. كما استغل النواب الفرصة، ليطرحوا إشكالية أراضي العرش، داعين إلى تسوية أوضاعها، بما يمكن أصحابها، الذين يتوارثون استغلالها منذ أجيال، من الحصول على وثائق ملكية، تتيح لهم الحصول على امتيازات على غرار باقي الفلاحين، كالبطاقة المهنية للفلاح، والاستفادة من القروض البنكية. يشار إلى لجنة الفلاحة والصيد البحري وحماية البيئة بالمجلس، كانت قد اقترحت تعديلات عدة على المشروع، من بينها الإشارة إلى أحكام قانون الأسرة في حالة وجود ورثة قصر. وبخصوص مطالب الأسرة الثورية، التي ضغطت لجعل أفراد هذه الفئة أصحاب الأولوية في الاستفادة من عقود الامتياز، اكتفت اللجنة بالإشارة إلى أن هذه المسألة متكفل بها في قانون المجاهد والشهيد، وقالت اللجنة في تقريرها إنه ''تمت الإشارة إلى المادة 45 من قانون المجاهد والشهيد على مستوى المادة ,16 بهدف التأكيد على أولوية هذه الفئة في الاستفادة من عقود الامتياز''. كما اقترحت اللجنة حذف عبارة ''استرجاع الدولة المحلات ذات الاستعمال السكني'' عند نهاية الامتياز، وهذا بغرض ''الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي للمستفيدين''، حسب تقرير اللجنة.