اتفق عدد من الصحف التركية الصادرة يوم الاثنين على أن النجاح الذي حققه مؤيدو إجراء تعديلات دستورية في الاستفتاء الذي جرى أمس الأحد، مهد الطريق أمام حزب العدالة والتنمية الإسلامي للفوز في الانتخابات التشريعية عام 2011. يأتي ذلك فيما تعهدت الحكومة التركية التي يقودها الحزب يوم الاثنين بالمضي قدما في خططها للإصلاح. وكان حزب العدالة والتنمية الوحيد تقريبا الذي قام بحملة في سبيل تأييد هذا الإصلاح الذي يهدف إلى "إرساء ديموقراطية" على دستور موروث من أيام الانقلاب العسكري عام 1980 عبر الحد خصوصا من سلطة القضاء والجيش، وهما أبرز ركائز معسكر العلمانيين. وعلق كاتب الافتتاحية سميح أديز في صحيفة "ملييت" الاثنين بالقول "يمكنه بالتالي أن يؤكد وبشكل شرعي أنه نال وحيدا" الأصوات المؤيدة البالغة نسبتها 58% خلال استفتاء الأحد. وكتب المحلل: "اعتبارا من اللحظة التي قامت فيها المعارضة بتحويل الاستفتاء إلى تصويت على الثقة بالحكومة، يمكن الإقرار فعلا بأن حزب العدالة والتنمية الحاكم فاز بهذا الرهان"، مشيرا إلى أن هذا النجاح يعتبر بمثابة "ضوء أخضر" للحكومة. وهذه النتيجة الجيدة جاءت في الوقت المناسب بالنسبة لحزب العدالة والتنمية الحاكم منذ نوفمبر 2002 بعدما حقق فوزا كبيرا في الانتخابات العامة الأخيرة في 2007 (47% من الأصوات) لكنه أبدى بعض مؤشرات التراجع في الانتخابات البلدية السنة الماضية (39%). واعتبر مراد يتكين في صحيفة "راديكال" الليبرالية أن "حزب العدالة والتنمية اجتاز بنجاح اختبارا مهما قبل الانتخابات التشريعية العام 2011". وفي صحيفة زمان، كتب إحسان داغي معلقا على نتائج الاستفتاء: إن "قوة الشعب تعيد بناء تركيا سياسيا، عن طريق التخلص من وصاية الأتاتوركيين من خلال الاستفتاء. وبالموافقة على حزمة التعديلات الدستورية تمكن الناس بالوسائل الديموقراطية من تخطي مقاومة قوة النخبة الأتاتورية التي بذلت ما في وسعها من أجل الدفاع عن مناصبها". وتابع قائلا: "بات في وضوح الشمس مجددا أن الناس في هذه البلاد كانوا دائما متطلعين إلى نظام أكثر ديمقراطية ما سنحت لهم الفرصة.. ولهذا السبب بالتحديد، ولسنوات طويلة حاولت النخبة الأتاتوركية اختطاف السلطة من الشعب بالوسائل السلطوية". وأشار إلى أن كافة الأحزاب سواء العلمانية أو الليبرالية سواء التي قاطعت الاستفتاء أو التي شاركت فيه خرجت من الاستفتاء خاسرة، باستثناء حزب العدالة والتنمية الذي عزز من وضعه. وفي أعقاب الكشف عن نتائج الانتخابات، تعهدت الحكومة التركية بالمضي قدما في خططها للإصلاح. وقدم رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان مذكرة تفيد بأن حزبه سيشرع على الفور في وضع دستور جديد للبلاد. ودفع إقرار التعديلات جماعات لحقوق الإنسان إلى تقديم سيل من الطلبات لمحاكمة قادة الانقلاب العسكري الذي وقع عام 1980 والذين جردوا من الحصانة بموجب أحد التعديلات في حزمة الإصلاحات الدستورية. وتقدمت بعض الجماعات بالتماسات بمكتب مدعي أنقرة لمحاكمة قادة الانقلاب وبينهم الرئيس السابق الجنرال كنعان أفرين على جرائم ضد الإنسانية. وصعدت نتيجة الاستفتاء بالأسواق المالية (البورصة) التركية حيث رفعت الأسهم إلى مستوى قياسي مرتفع، حيث اعتبر المستثمرون نتيجة الاستفتاء دعما للاستقرار ولفرص فوز الحكومة بفترة ثالثة في انتخابات برلمانية من المقرر أن تعقد في يوليو العام المقبل. كما سجلت الليرة أقوى مستوياتها مقابل الدولار في شهر. وصوت في الاستفتاء 58% بنعم مقابل 42% صوتوا بلا. وبلغت نسبة الإقبال على المشاركة في الاستفتاء 77% بين 50 مليونا يحق لهم الإدلاء بأصواتهم. وأجري الاستفتاء في الذكرى الثلاثين لانقلاب عام 1980 وشحذ أردوغان الرأي العام وراء تغيير الدستور الذي كتب خلال الحكم العسكري للبلاد من خلال تذكير الأتراك بالحكم الاستبدادي الذي نشأ مع تولي الجنرالات الحكم. وقالت صحيفة صباح الموالية للحكومة "تركيا تنظف عار الانقلاب". وفي أعقاب الانقلاب أعدم 50 شخصا واعتقل الآلاف وعذب الكثير ومات المئات في الاحتجاز واختفى كثيرون.