يرغب الوزير الأول أحمد أويحيى في النزول، نهاية الشهر الحالي أو مطلع الشهر المقبل، إلى البرلمان لعرض بيان السياسة العامة للحكومة، ووضع أويحيى في أجندته عرض قانون ضبط الموازنة الذي انقطعت الحكومة عن عرضه منذ 9891 عندما دشنت البلاد مرحلة من الانتكاس السياسي والعنف المسلح، ورأى أويحيى أن مطالب سياسيين بالاطلاع على موازنة الحكومة بات أقوى من الرد بالرفض في وقت بلغت نفقات البلاد مستويات قياسية. يبدو أن الوزير الأول أحمد أويحيى قرر فعلا التوجه إلى نواب البرلمان لعرض حصيلة أداء حكومته. وذلك عملا بالدستور، بصفته المسؤول الأول عن تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية ومنسق عمل الحكومة، ويبقى نزول أويحيى مرتقبا وفق تأكيدات برلمانية، إلا أن هامش تغيير البرنامج يبقى واردا ولو باحتمالات ضئيلة ولم تلتزم الحكومات المتعاقبة منذ بداية الألفية بنص الدستور، فرفضت عرض البيان تارة تحت مبرر أن البرنامج هو نفسه (البرنامج السياسي والاقتصادي للرئيس بوتفليقة) وتارة بمبرر أن تغيير رؤساء الحكومة والوزراء لم يبدل من البرنامج في شيء. وتلفت مصادر برلمانية إلى أن أويحيى يكون رأى أن نزوله إلى البرلمان هذا العام الأحسن أن يرفق بقانون ضبط الموازنة، وكان هذا المشروع يعرض بانتظام على النواب خلال فترة الحزب الواحد، غير أنه تم التراجع عن هذا التقليد عشية دخول البلاد مرحلة التعددية السياسية سنة 9891، وأثار النواب في العديد من المرات الموضوع خلال مداخلاتهم لمناقشة قوانين المالية، بعد أن بلغت ميزانيات الدولة أرقاما قياسية. وتلقى أويحيى انتقادات لاذعة قبل أشهر قليلة فقط، بسبب ''إحجامه'' عن عرض برنامج عمل الحكومة عقب التغيير الحكومي الذي قام به رئيس الجمهورية وتم بموجبه تغيير عدة وزراء واستدعاء آخرين لمهام أخرى وتعيين لأول مرة نائبا للوزير الأول في شخص نور الدين يزيد زرهوني. ورغم أن كل الدساتير التي جاءت بعد عام 88 قد أمرت رؤساء الحكومات بتقديم حصيلة عن نشاطها إلى البرلمان، أو ما يسمى ب ''بيان السياسة العامة''، إلا أن هذا الالتزام لم يطبقه أغلبية رؤساء الحكومات المتعاقبين، وهو نفس ما جرى بالنسبة لقانون ضبط الميزانية الذي لم يقدم إلى الهيئة التشريعية منذ عام 98، لكن إذا كانت الحكومة ربما ترى في عرضها لبيان السياسة العامة أمرا غير ملزم، فإن البرلمان له نفس القدر من المسؤولية جراء التزامه الصمت عن صلاحيات خولها له الدستور ولا يريد ممارستها، وهو ما يعني أن الغرفة السفلى والعليا لا تمارس السلطة التشريعية ولا الرقابية وتكتفي فقط بالوظيفة. لكن أصداء بلغت مسامع الحكومة عن تعالي الأصوات داخل البرلمان تشير إلى ما تصفه "تعطيل أهم صلاحيات البرلمان الرقابية على عمل الحكومة''، في مناقشة بيان السياسة العامة وكذلك ضرورة العمل بقانون ضبط الموازنة، وهو القانون الذي يضم أرقاما حول الفائض أو العجز المسجل في حساب الإنفاق السنوي والأرباح في تسيير الحسابات الخاصة للميزانية. وقد كررت الحكومة أكثر من مرة، في السنوات القليلة القادمة، من خلال المراسلات التي وجهتها للبرلمان بغرفتيه، التزامها بتقديم مشروع القانون المذكور ضمن قائمة المشاريع القانونية التي ينتظر إحالتها على الهيئة التشريعية، كما أن الرئيس بوتفليقة نفسه ألح في خطابه في ديسمبر 6002 أمام إطارات الأمة، على الحكومة بالإسراع بتقديم القانون.