أعلنت وزارة الدفاع الوطني في بيان لها أمس أن قادة أركان جيوش اربعة بلدان للساحل الإفريقي هي الجزائر ومالي وموريتانيا والنيجر سيعقدون اليوم بتمنراست اجتماعا على مستوى مجلس الرؤساء يتناول التطورات الأمنية في المنطقة. وأفاد بيان الوزارة ان الاجتماع سيكون بهدف تقييم الوضع الأمني في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة كما سيكون فرصة كذلك لتبادل المعلومات والتحليلات الكفيلة بإعداد حصيلة وافية للنشاطات والأعمال المنجزة للشروع في تجسيد استراتيجية موحدة لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة''. وتكون الجزائر بالدعوة الى هذا الاجتماع قد عجلت ببعث التنسيق الإفريقي لمواجهة التهديدات الإرهابية في المنطقة وفق رؤية مشتركة يتقاسمها الجميع في إطار المشاورات المتواصلة ضمن الهيئات التي شكلت لهذا الغرض بين دول المنطقة. ويأتي هذا الاجتماع لمجلس رؤساء أركان جيوش الدول الأربع في وقت تتسارع الأحداث بمنطقة الساحل مع اختطاف تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي لخمسة رعايا فرنسيين ورعيتين إفريقيتين في منجم لليورانيوم شمال النيجر. ومن شانه ان يساهم تنسيق المواقف والخطوات المنتظر اتخاذها لمواجهة هذا التطور، وقطع الطريق أمام التدخلات الأجنبية في المنطقة وهو ما تحرص عليه الجزائر وأكدت عليه مرارا برفضها لأي تدخل أجنبي بحجة تحرير الرهائن، وشكل هذا الموضوع مصدر خلاف بين فرنساوالجزائر خاصة بعد العملية العسكرية التي قادها الجيش الموريتاني مدعوما بفرقة فرنسية في 22 جويلية الماضي وكان من نتاج ذلك ان قام تنظيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال باغتيال ميشال جيرمانو الرعية الفرنسية المختطفة منذ أفريل. وضغطت الجزائر في المدة الأخيرة نحو رفض أي تدخل أجنبي في المنطقة أو اللجوء الى عملية دفع الفدية خاصة بعدما بينت معلومات استخباراتية ان 95 بالمائة من أموال الإرهاب تأتي من دفع الفدية، وكشفت تقارير غربية في المدة الأخيرة ان اسبانيا دفعت ما قيمته 8 ملايين اورو مقابل إطلاق سراح رعتيتين اثنتين وهذا المبلغ حسب المتتبعين للشأن الأمني يمكن ان يشكل ميزانية دولة افريقية او اثنتين. ومن شان هذا الاجتماع ان يساهم في تقويض المساعي الرامية إلى ''المغامرة'' أو ''المقامرة'' بعد اختطاف خمسة رعايا فرنسيين وذلك من خلال تسبيق رفض المقاربة المبنية على التدخل الأجنبي، حيث ترى الجزائر ان دول المنطقة هي المعنية بمعالجة مشاكلها بنفسها وأن محاربة الارهاب لا تكون بمغامرات فردية غير مضمونة تعطي للارهابيين أفضلية الحياز على أسلحة ودخيرة جديدة ومتطورة ولا مقامرات تزيد في تمويل الارهابيين بأموال الفدية. وهذا الموقف عبّر عنه الفريق احمد قايد صالح في اجتماع قادة جيوش دول الساحل بالجزائر في أفريل الماضي حيث رافع من اجل استراتيجية موحدة لمحاربة الارهاب. ودعا إلى ضرورة وضع ''استراتيجية موحدة'' بين بلدان الساحل الإفريقي لمكافحة التهديدات المتنقلة، مع تحديد كيفيات تجسيد هذه الإستراتيجية. وقال إن الجزائر ''تتشرف باستضافة فضاء الحوار هذا من أجل مناقشة مسائل الدفاع والأمن المشترك وإزاحة الاختلافات المحتملة أمام وضع استراتيجية موحدة لمكافحة التهديدات المتنقلة''. وأشار إلى أهمية ''تنسيق كفاحنا وتمكين سلطاتنا السياسية من تكريس جهودها لمتطلبات النمو الاقتصادي والاجتماعي لفائدة شعوبنا''، وأوضح بأن الجزائر على يقين بأن كل الدول المشاركة في هذا ''الحوار'' ''تستطيع القيام بمسؤولياتها كاملة تجاه هذا الطموح المشروع''. وقال الفريق أحمد قايد صالح أن رفع تحدي تحقيق التنمية في الساحل الصحراوي ''لا يتطلب سوى حصر قضايا الأمن التي تعكر صفو المنطقة'' وأبرز في هذا المنظور الحاجة إلى تحديد الطرق والوسائل الكفيلة بمعالجة الوضع الأمني، وذلك لن يتأتى سوى عن طريق تعريف وتجسيد نموذج ملائم للتعاون العسكري. وعبّر قائد أركان الجيش الجزائري عن قناعته بأن استجابة كل دول الساحل الصحراوي للمبادرة الجزائرية ''ستساهم في تعزيز تعاوننا وتوطيد أواصر الأخوة والتضامن وحسن الجوار لإعطاء نفس جديد في جو من التشاور لجهودنا المبذولة في سبيل تحقيق هدفنا الأساسي لمطاردة الإرهاب والقضاء عليه حيثما كان''. وحذر الفريق قايد صالح من أن أي غياب للعمل المشترك والمنسق لردع الإرهاب العابر للأوطان والجريمة المنظمة والآفات المتصلة بها، سيفتح ''الأبواب للتدخل الأجنبي''. وأضاف أن هذا هو ''ما يمثل فعلا التحدي الرئيسي الواجب علينا رفعه بمسؤولية مشتركة''.