لأنني أحلم دائما أن تجد الأراضي الجرداء من يبكيها و قطعان الغنام من ينقذها من شبح التصحر ،و كبر حلمي عندما اقترب موعد كاس العالم الذي تحتضنه قارة إفريقيا لأول مرة و الذي حضرته نجوم و شخصيات عالمية ،لتكون المناسبة فريدة من نوعها و عملاقة في حجمها لو كان لمكافحة التصحر مكانا بين جملهم التي صنعت الحدث الإعلامي على مستوى العالم .. يأتي اليوم العالمي لمكافحة التصحر في الوقت الذي تجمع فيه الكرة المستديرة مئات الملايين من البشر حولها و لم يرفع شعار لإنقاذ ما بقي من أرض أهلكها البشر عبر العصور و لم ترفق بها الطبيعة....... فكيف يمكن أن نتحدث عن أمن غذائي مستديم لافرقيا و قد فوتنا فرصة ذهبية لتوجيه رسالة للعالم بالتوقف عن استنزاف الموارد الطبيعية التي تشكل العامل المباشر لظاهرة التصحر التي بدأت تطرق أبواب العديد من الدول و الجزائر على وجه الخصوص وتشكل تهديدا للأمن الغذائي وانخفاض المكاسب الاقتصادية وتدني مستوى المعيشة في ظل النمو السكاني المتسارع والنتيجة بلوغ الفقر . وبالرغم من تأثير التصحر بشكل خاص على القارة الإفريقية إلا أن الأرقام تؤكد أن بقية العالم ليس بمعزل عن التهديد والتعرض وفي كل سنة يفقد العالم نحو 691 كيلو متر مربع من الأراضي الزراعية . والتصحر هو نتيجة عدة عوامل تتغير مع مرور الزمن وتختلف من مكان لآخر وتتمثل تلك العوامل غير المباشرة بالضغط السكاني والعوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية وأيضا التجارة الدولية وكذلك العوامل المباشرة مثل أنماط وممارسات استخدام الأراضي والمناخ . وليس غريبا أن يكون لفعل الإنسان الدور في حدوث التصحر نتيجة الاستغلال المفرط للأراضي الزراعية الذي يؤدي لاستنزاف التربة وإزالة الغابات التي لها و زحف التصحر إلى المدن والأراضي الزراعية . وتعد سياسات الاستخدام غير المستدام للموارد الطبيعية مساهما رئيسيا في تدهور الأراضي مما ينجم عنه التصحر، ويؤدي التصحر لفقدان الحياة النباتية والتنوع الحيوي وثم تفقد التربة السطحية لفعاليتها وبالتالي فقدان قدرة الأرض الزراعية على الإنتاج مما يقلل فرص دعم الحياة البشرية والحيوانية. وعند النظر إلى الأرقام قد نفاجئ حقاً لحجم الكارثة الذي ينتظره العالم جراء التصحر التي يبلغ مجموعها في العالم نحو 46 مليون كيلو متر مربع منها ما يشمل الوطن العربي حوالي 13 مليون كيلو متر مربع إي بنسبة 28 .٪ وتعتمد حياة الإنسان والحيوان بشكل أساس على التربة وهي الجزء المهم الذي اغفل الإنسان أهميته وتجرأ بالاساءة إليها بواسطة الري والتسميد والمبيدات الحشرية والعديد من المعاملات التي أهلكت صلاحيتها للإنتاج مما جعلها مؤهلة للتصحر واستقبال الكثبان الرملية الزاحفة . وترتبط ظاهرة التصحر بمشاكل عدة أهمها المساهمة بالاحتباس الحراري خلال خفض معدل الإنتاج النباتي مما يسهم بقلة الأوكسجين المنبعث منها إلى المحيط الجوي وأيضا زيادة غاز ثاني وكسيد الكربون وتدهور الأراضي الزراعية وخفض أو نقص المياه بفعل التبخر . والحلول المتعلقة بمعالجة ظاهرة التصحر لا تبدو معضلة كبيرة لو أردنا فعليا بلوغ معالجة اصل المشكلة ويتطلب ذلك أولا خلق التوعية لحسن إدارة الموارد الطبيعية في المناطق المعرضة للتصحر، وإتباع التكنولوجيا الملائمة لاستغلال مصادر الطاقة البديلة، وتشجيع البحوث العلمية المتعلقة بظاهرة التصحر ومعالجتها وكذلك حفظ التربة بعدم استنزافها بالتسميد والمواد الكيماوية والمبيدات الحشرية . تكتسب المتغيرات أهميتها في نظام أولويات الحياة التي نعيشها بقدر ارتباطها بهذه الحياة، فكيف إذا كان هذا المتغير هو المحيط الذي تنشط في إطاره الحياة لبني البشر وبقية الكائنات الحية، في إطار تكاملي متناسق ذا طبيعة اعتمادية خلقه الله عز وجل بقدر معلوم، ذلك المحيط هو البيئة، فبدون البيئة التي تنطوي على عناصر البقاء لا يمكن للحياة أن تستمر، من هنا تنبع أهمية دراسة البيئة وأثرها على الأمن الدولي، فالإنسان مثلما يحتاج إلى عناصر البقاء يحتاج إلى الشعور بالأمن لكي تستمر حياته. فهل تستحق الحياة أن تكون شعارا لأكبر تظاهرات العالم ؟ أم أننا نكتفي بالحلم ...