بعد الظهور المتواضع والمشاركة المخيبة للآمال والضعيفة للمنتخبات العربية في مونديال روسيا. مازالت اتحادات كرة القدم تحاول الاستفادة من هذا المونديال وتطوير الأداء حتى يضاهي المنتخبات العالمية. وذلك من خلال العمل على طرح أسباب المشاركة الكارثية. ويمكن القول إن شماعة الفشل علقت على المدربين وحملتهم المسؤولية كاملة وهو ما جعل جل المنتخبات العربية تتبع سياسة تغيير القيادات. كان مونديال روسيا 2018 نكبة على العديد من المدربين سيما منهم مدربو المنتخبات العربية نتيجة سخط الجماهير الرياضية عليهم بعد النتائج السلبية التي قدموها مع منتخباتهم، ما أدى إلى رحيلهم أو إقالتهم. المنتخبات العربية لم تكن بعيدة عن نيران إقالات المدربين، والبداية كانت مع منتخب الفراعنة المصري، الذي أعلن إقالة مدربه الأرجنتيني هيكتور كوبر بعد الأداء السيئ الذي قدمه في نهائيات روسيا. كما أعلن الاتحاد التونسي فسخ عقده مع المدير الفني لنسور قرطاج، نبيل معلول، بالتراضي. وفي سياق متصل حاول المنتخب الجزائري هو بدوره رغم عدم تأهله للمونديال أن يجدد الدماء وسارع بإقالة المدرب المحلي رابح ماجر وتعويضه بمواطنه جمال بلماضي. وتدخل هذه التغييرات في إطار التحضير لخوض غمار نهائيات كأس أمم أفريقيا 2019 بالكاميرون. وفي هذا السياق بات فوزي البنزرتي المدرب الجديد لمنتخب تونس في كرة القدم خلفا لنبيل معلول. وكشف الاتحاد التونسي في بيان أن المدرب البالغ 68 عاما وقع عقدا لمدة عامين مع خيار التمديد له، دون إعطاء المزيد من التفاصيل. وسبق للبنزرتي أن أشرف على المنتخب التونسي بين 2010 و2011 وقاده في كأس الأمم الأفريقية عام 2010 في أنغولا، ومسيرته التدريبية طويلة بدأت عام 1979 ومر خلالها بأندية الاتحاد الرياضي المنستيري والنادي الأفريقي والنجم الساحلي والترجي الرياضي والصفاقسي التونسي والرجاء البيضاوي وجاره اللدود الوداد المغربيين. وأحرز البنزرتي خلال مسيرته ألقابا كثيرة، أبرزها الدوري التونسي 9 مرات، آخرها 2017، ودوري أبطال أفريقيا عام 1994 مع الترجي، ووصل إلى نهائي كأس العالم للأندية عام 2013 مع الرجاء البيضاوي حين خسر الأخير أمام بايرن ميونيخ الألماني 0-2. وسيحل البنزرتي بدلا من معلول الذي انتقل لنادي الدحيل القطري بعدما فسخ عقده مع المنتخب الذي قاده في نهائيات كأس العالم في روسيا حيث خرج من الدور الأول بخسارته في المجموعة السابعة أمام إنكلترا 1-2 وبلجيكا 2-5، وفوز على بنما 2-1 هو الثاني لبلاده في مشاركاتها الخمس في المونديال، والأول منذ 1978. استجابة لنداء الوطن قال البنزرتي إن قبوله تدريب منتخب بلاده كان استجابة لنداء الوطن، ولا أحد يمكنه أن يرفض تلبية ذلك. وأكد البنزرتي "رفضت العديد من العروض من قبل الأندية العربية والخليجية الكبرى، لكنني رفضتها للاستمرار مع فريق الوداد". وأضاف "عندما اتصل بي الاتحاد التونسي، لم أستطع رفض العرض، لأنه نداء الوطن، وأي شخص لا يمكنه إلا أن يستجيب لذلك الأمر". وبخصوص مهمته المقبلة على رأس القيادة الفنية لتونس، قال البنزرتي "أنا أؤمن بالعمل الجاد، ولا شيء غير العمل، أعرف إمكانيات المنتخب التونسي وعناصره، كل ما سنقوم به، هو العمل بجدية". ويرى البنزرتي أن رحيله عن الفريق المغربي، لن يؤثر أبدا على مستواه خاصة وأنه مقبل على المنافسة على العديد من البطولات محليّا وعربيّا وأفريقيّا. وأكد المدرب التونسي "الوداد البيضاوي، فريق كبير، والفرق الكبيرة لا تتأثر بمغادرة اللاعبين أو المدربين، أنا متأكد أن الفريق سيواصل التألق على المستوى المحلي والقاري، لأنه من كبار القارة، وسيواصل المنافسة على الألقاب". وتابع "طوال الفترة التي أمضيتها هنا في المغرب، عملت مع لاعبين متميزين، وعلى مستوى عال جدا من الاحترافية، كما أني عملت على تحضيره على المستوى النفسي والذهني، وأؤكد لكم، بأن الفريق قوي جدا على المستوى الذهني". واختتم البنزرتي تصريحاته قائلا "الوداد قوي أيضا بجمهوره، أنا أشكرهم كثيرا على كل ما قدموه للنادي، خلال هذه الفترة التي قضيتها معهم". الإدارة الفنية من ناحيته عاد الدولي السابق جمال بلماضي إلى المنتخب الجزائري من باب الإدارة الفنية خلفا لرابح ماجر، ليواجه التحدي الصعب بإعادة بناء "ثعالب الصحراء" بعد فترة من عدم الاستقرار والنتائج المخيبة. وأعلن الاتحاد الجزائري تعيين بلماضي (42 عاما) مدربا جديدا للمنتخب، في عقد يمتد حتى نهائيات كأس العالم 2022 في قطر. وأورد الاتحاد جمال بلماضي هو المدرب الجديد للمنتخب الوطني الجزائري إثر التوصل إلى اتفاق بينه وبين رئيس الاتحاد خيرالدين زطشي". وعاد بلماضي إلى المنتخب الذي سبق له الدفاع عن ألوانه كلاعب بين 2000 و2004، وخاض في صفوفه 20 مباراة سجل خلالها خمسة أهداف. وتنقل الجزائري الذي انضم إلى صفوف الفئات العمرية لنادي باريس سان جرمان (دون 19 عاما)، كلاعب بين أندية عدة أبرزها مرسيليا الفرنسي ومانشستر سيتي الإنكليزي (على سبيل الإعارة لأشهر في عام 2003) وسلتا فيغو الإسباني (على سبيل الإعارة أيضا عام 1999). وأنهى بلماضي مسيرته كلاعب مع نادي فالنسيين الفرنسي عام 2009. وتولى بلماضي تدريب المنتخب قادما من تدريب نادي الدحيل القطري الذي قاده في الموسم الماضي إلى ثلاثية الدوري المحلي وكأس قطر وكأس الأمير. وأعلن النادي القطري في 12 يوليو أن بلماضي "اعتذر عن مواصلة مشواره مع النادي لأسباب خاصة"، وعين المدرب السابق للمنتخب التونسي نبيل معلول خلفا له. وكان بلماضي قد بدأ مسيرته التدريبية مع نادي لخويا القطري عام 2010 (أصبح العام الماضي نادي الدحيل بعد دمجه مع الجيش). وفي 2014، انتقل إلى تدريب المنتخب القطري. وبعد بداية ناجحة مع العنابي شملت قيادته إلى لقب كأس الخليج 2014، قدم المنتخب أداء متواضعا في الدور الأول من كأس آسيا 2015 وتلقى ثلاث خسارات، ما دفع إلى إقالة بلماضي في أبريل من العام ذاته. ووضع الإعلان عن تعيين بلماضي حدا للتكهنات حول هوية المدرب الذي خلف ماجر الذي أقيل في 25 يونيو بعد ثمانية أشهر فقط من توليه منصبه، وذلك على خلفية سلسلة من النتائج المخيبة. وكان الاتحاد الجزائري قد تواصل في الأسابيع الماضية مع المدرب البوسني الفرنسي وحيد خليلوزيتش للعودة إلى تدريب المنتخب الذي غادره عقب مونديال 2014، بحسب ما أكد المدرب سابقا. إلا أن خليلودزيتش شدد حينها على عدم التوصل إلى أي اتفاق مع الاتحاد، في ظل تقارير صحافية جزائرية تتحدث عن أن المدرب البالغ من العمر 66 عاما، متردد في قبول العرض الجزائري بسبب "الورشة الكبيرة" التي تنتظره لإعادة تطوير المنتخب. وبعد المشاركة في كأسي العالم 2010 و2014 فشلت الجزائر في التأهل إلى مونديال روسيا 2018 بعد عجزها عن تحقيق أي فوز في التصفيات، باستثناء مباراة ضد نيجيريا اعتبرها الاتحاد الدولي (فيفا) خاسرة فيها لإشراك الأخيرة لاعبا موقوفا. ومنذ رحيل خليلودزيتش تداول على المنتخب الجزائري خمسة مدربين آخرهم ماجر الذي أقيل في يونيو بعد تعيينه في أكتوبر خلفا للإسباني لوكاس ألكازار الذي أقيل في الشهر نفسه. وسبقهما الفرنسي كريستيان غوركوف (أقل من سنتين) والصربي ميلوفان رايفاتش (3 أشهر) والبلجيكي جورج ليكنز (3 أشهر). وسيكون التحدي الأول أمام بلماضي، تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2019، والتي تستأنف في السابع من سبتمبر المقبل. ورحبت وسائل إعلام جزائرية باختيار بلماضي لمنصب المدير الفني. ويمكن القول إن أمام بلماضي الكثير من المؤشرات الإيجابية التي قد تمكنه من قيادة المنتخب الجزائري لأجل العودة إلى الأضواء وربما العودة إلى كأس العالم في عام 2022، منها عمره الشاب نسبيا في عرف المدربين، وخبرته المنوعة، إضافة إلى نجاحه مع الدحيل. مقاربة مختلفة في السياق ذاته تعهد المكسيكي خافيير أغيري، المدرب الجديد للمنتخب المصري لكرة القدم، باعتماد مقاربة "مختلفة" عن سلفه الأرجنتيني هيكتور كوبر، وذلك في تصريحات أدلى بها خلال تقديمه رسميا من قبل الاتحاد المصري. وكان الاتحاد المصري أعلن ليل الأربعاء التعاقد مع أغيري (59 عاما) خلفا لكوبر الذي لم يتم تجديد عقده في أعقاب الخروج من الدور الأول لنهائيات كأس العالم 2018 في روسيا. وقال المدرب الجديد "أنا أحترم هيكتور كوبر كثيرا، ولكن هذه المرة أنا أتفهم أن مصر تحتاج إلى طريقة لعب مختلفة". وأضاف "نحن نملك الأسلوب والتكتيك الخاصين بنا (..) وهذا الأسلوب هو الاحتفاظ بالكرة والضغط والتعافي سريعا (في) حال الخسارة". وواجه كوبر الذي تولى مهامه على رأس الإدارة الفنية عام 2015، انتقادات واسعة على خلفية أسلوبه الدفاعي. إلا أن الأرجنتيني البالغ 62 عاما، تمكن خلال مسيرته من قيادة الفراعنة إلى نهائي كأس الأمم الأفريقية 2017، ونهائيات كأس العالم 2018 للمرة الأولى منذ 28 عاما. وأوضح رئيس الاتحاد المصري هاني أبوريدة أن العقد مع أغيري يمتد لأربعة أعوام، وسيتقاضى بموجبه المكسيكي 120 ألف دولار شهريا، ومكافأة تصل إلى 500 ألف دولار في حال التأهل إلى نهائيات كأس العالم 2022 المقررة في قطر. وجاء اختيار أغيري ضمن لائحة من أربعة مدربين شملت الكولومبي خورخي لويس بينتو، البوسني الفرنسي وحيد خليلودزيتش والإسباني كيكي فلوريس الذي تردد أنه كان الأوفر حظا -إضافة لأغيري- لتولي المهمة. وقال المدرب المكسيكي "أتشرف بأن أكون هنا للمرة الأولى في أفريقيا بخبرة 20 عاما كمدرب"، علما أنه سبق له قيادة منتخب بلاده مرتين في مونديالي 2002 و2010، كما خاض البطولة العالمية كلاعب عام 1986. وتابع "سنعمل جنبا إلى جنب مع الجانب المصري وأتمنى أن تكون هذه بداية لتاريخ كبير لهذه الدولة العاطفية عندما نتحدث عن كرة القدم". ويحظى أغيري بخبرة تدريبية واسعة تعود إلى العام 1995، إلا أن رصيده متواضع على صعيد الألقاب. وكان الدوري الإسباني أبرز محطاته التدريبية، إذ عمل بداية مع أتلتيكو مدريد بين 2006 و2009 وقاده للمشاركة في دوري أبطال أوروبا في موسمه الأخير معه، وريال سرقسطة بين 2010 و2011 قبل أن تتم إقالته، وإسبانيول بين 2012 و2014. وفي منتصف عام 2015، تولى تدريب نادي الوحدة الإماراتي وقاده إلى لقبي كأس رئيس الدولة (2017) وكأس الرابطة (2016)، قبل أن يترك منصبه في 2017. كما كانت لأغيري تجربة على صعيد المنتخبات الوطنية عندما درب المنتخب الياباني بدءا من أغسطس 2014، فقاده في كأس آسيا 2015 عندما حقق حامل اللقب العلامة الكاملة في دور المجموعات، قبل أن يخسر أمام الإمارات بركلات الترجيح في ربع النهائي. ويمكن اعتبار أن جل المنتخبات العربية عاشت تجارب تتراوح بين قصص النجاح النسبي والفشل الذريع مع العديد من المدربين سواء أكانوا محليين أو أجانب ولعل المنتخب المغربي يبقى هو الاستثناء في ظل القيادة المشرفة للمدرب الفرنسي هيرفي رينارد والذي ترك بصمة واضحة في المونديال الأخير. ورغم ذلك فإن رياح التغيير شملته هو أيضا لكن قوة إيمان الاتحاد المغربي للعبة بشخصية هذا المدرب وبالعمل الذي يقوم به جعلته في حماية كبيرة ودفعت فوزي لقجع للتمسك بخبرات المدرب الفني الفرنسي سيما على المستوى القاري. باعتباره حقق نجاحات كبيرة مع جل المنتخبات الأفريقية. لكن يبقى السؤال مطروحا، هل ينجح فوزي البنزرتي في إعادة الحياة إلى النسور على المستوى القاري والعالمي. وهو نفس الرهان الذي يضعه الاتحاد الجزائري على عاتق المدرب الشاب جمال بلماضي؟ وكيف سيتأقلم المنتخب الجزائري مع نقص خبرة بلماضي؟ لعل الأيام القادمة ستكون كفيلة بالإجابة عن هذه الأسئلة.