يبدو أن ما يسمي قوانين التحول الديمقراطي وفي مقدمتها القانون الجنائي لسنة 1991م ستدفع بخلافات القوى السياسية السودانية إلى الواجهة من جديد، أو لربما احتاج التوافق حولها تنازلات غير متوفرة لكافة الأطراف على الأقل في الوقت الراهن.كما يبدو أن ذات القوى أصبحت غير متفائلة تماما بما يدور بكواليس بعضها بشأن هذا الموضوع خاصة، في ظل حالة استقطاب حاد تعيشه الساحة السياسية هناك.ففي حين تتمسك الحركة الشعبية لتحرير السودان والتجمع الوطني الديمقراطي وقوى سياسية أخرى بإلغاء كافة القوانين التي تعتبرها مخالفة للدستور واتفاق السلام الشامل والاستعاضة عنها بقوانين أكثر انفتاحا، يرى المؤتمر الوطني الشريك الأكبر بحكومة الوحدة الوطنية ضرورة إجراء بعض التعديلات على هذه القوانين دون الحاجة إلي إلغائها بالكامل.فقد فتح مشروع تعديل القانون الجنائي لسنة 2008 والذي دفع به للبرلمان بداية دورته الحالية والأخيرة قبل سحبه بحجة الدفع به عن طريق الخطأ، الباب من جديد للتساؤل حول اتجاه الأزمة.وبينما تعتبر الشعبية أن هناك نحو 37 قانونا بحاجة إلى معالجة بجانب القانون الجنائي، اعتبر الوطني أن هناك مسعى لزعزعة العمل التشريعي بالاعتراض على كافة القوانين الموجودة بالبلاد.وقال رئيس كتلة الوطني بالبرلمان غازي صلاح الدين إن "اعتبار كل القوانين السابقة سالبة وبالية هي حجة ضعيفة" داعيا إلى عدم اتخاذ القانون فرصة للهجوم على حزب المؤتمر.أما الناطق الرسمي باسم الشعبية فاتهم (في حديث للجزيرة نت) جهات داخل المؤتمر بالعمل على عرقلة إصلاح القوانين "مما يعتبر خطرا على اتفاقية السلام الشامل بالبلاد".وذكر ين ماثيو أن الحركة لديها موقف آخر حال عدم تحرك المؤتمر لمعالجة كافة القوانين المقيدة للحريات، والتي تتعارض مع الدستور واتفاقية السلام.بينما اعتبر رئيس كتلة التجمع الوطني الديمقراطي فاروق أبو عيسى أن القوانين محل الاختلاف غير قابلة للمعالجة، وإنما بحاجة إلى الإلغاء الكامل والاستعاضة عنها بقوانين تتوافق مع المرحلة المقبلة.وقال أبو عيسى إن الحكومة سكتت عن مراجعة القوانين المخالفة للدستور "وعندما طالبنا بمعالجة القوانين الحالية بما يتوافق مع التحول الديمقراطي الذي يرمي له الجميع بما في ذلك القانون الجنائي أقام أعضاؤها الدنيا ولم يقعدوها".ولم يستبعد في حديثه للجزيرة نت وجود مجموعات متصارعة داخل المؤتمر الوطني "فمنهم من يسعى لأجل التحول الديمقراطي ومنهم من يريد الإبقاء على الأوضاع الحالية المرفوضة".من جهته أكد عضو البرلمان القانوني علي السيد وجود خلافات حادة بين شريكي الحكم "مما ينعكس على كافة أعمال الحكومة" معتبرا أن كلا من الطرفين يلعب على عامل الزمن لتمرير ما يريد من أفكار.ووصف في حديث للجزيرة نت الطرفين بأنهما يعملان لاستقطاب القوى السياسية الأخرى بمواقفهما المتناقضة "وبالتالي فإن معالجة القوانين لن تتم في ظل هذه الخلافات الكبيرة".