تمت أول أمس إعادة تسمية المسرح الجهوي لبجاية باسم المسرحي الراحل عبد المالك بوقرموح الذي أشرف على تسييره خلال الفترة الممتدة من مارس 1987 إلى نوفمبر 1989 قبل أن توافيه المنية على اثر حادث مرور. و صادف الحفل الذي نظم على هامش الاحتفال بعيد الاستقلال الوطني إعادة فتح المؤسسة التي أغلقت أبوابها منذ سنتين بسبب أشغال الترميم و التي استعادت بالمناسبة كل جمالها و رونقها إذ كشف الستار بالفعل بعد فتحه عن فضاء لامع و فخم غاية في الجمال أضفى سحرا كبيرا على هذه المناسبة. وقد أكد صديق بوقرموح المسرحي و المدير الحالي للمسرح عمر فطموش الذي استرسل في الثناء على الفقيد الذي يعتبره عبقريا في الإخراج المسرحي أن "النتيجة في مستوى أهمية مالك لأنه هو الذي أعطى الحياة لمسرح بجاية و اليوم جاء دور المسرح ليكون في مستواه من خلال الارتقاء بفكره عاليا". ولد "مالك" في سنة 1946 بإيفري أوزلاغن بقلب وادي الصومام بعد قيامه بدراسات ثانوية بمدينة سطيف و دراسات عليا بالجزائر العاصمة سافر إلى موسكو (روسيا) لإجراء دراسات عليا في الفن الدرامي توجت بحصوله على شهادة تخرجه في سنة 1973. لدى عودته إلى الوطن في سنة 1974 كرس نفسه لتكوين الشباب و نشط مجموعة من النشاطات مع فرق الهواة ضمن المركز الثقافي للجزائر العاصمة. في سنة 1975 أخرج أول مسرحية حققت نجاحا باهرا لدى الجمهور العريض "كان يا مكان" التي أنجزت جماعيا ضمن "مسرح العمال للجزائر العاصمة" و التي منحته تأشيرة دخول العالم المسرحي من أبوابه الواسعة ليعيد الكرة في السنة الموالية من خلال خوضه مسرحية هامة و يتعلق الأمر بمسرحية "القرار" لبراشت التي اقتبسها للمسرح موهبته التي ما فتئ أن أظهرها مجددا بفضل مسرحية المحقور (1978) التي أنجزها بالمسرح الجهوي لعنابة. شيئا فشيئا و بين سنتي 1978 و 1985 أعد سلسلة من المسرحيات المتوالية (إعادة تركيب المحقور و الضيف و الغربة و طريق السعادة) قبل أن يتولى إدارة المسرح الجهوي لبجاية الذي كان حينها عبارة عن مؤسسة بلدية خاملة تفتقر للطموح التي سرعان ما دبت فيها الحياة مجددا على يديه. و على خشبتها تمكن برفقة ممثلين شباب لكن موهوبين من إنجاز أهم أعماله "حزام الغولة" التي تعد اقتباسا مشتركا بينه و بين عمر فطموش عن مؤلف لكتاييف و عند انتهاء العرض بالجزائر قال عمر فطموش و هو لا يزال معجبا بمحمد علولة أن "العرض كان في قمة من الأداء المسرحي كما تميزه روحا فنية راقية". و في سنة 1989 أنتج عبد المالك بوقرموح مسرحية "حزام الغولة" التي اقتبسها من مسرحية "رينوسيروس" لاوجان يونسكو إلا أن القدر شاء غير ذلك للمسرحي إذ لم يتمكن من معايشة النجاح الكبير الذي حققته المسرحية. و آبي عبد المالك بوقرموح إلا ان تكون مسرحية "حزام الغولة" تحفة فنية فريدة من نوعها فراح يعمل حتى ساعات متأخرة من الليل لإعطائها طابعا متميزا معتبرا أن بطل المسرحية "البوجادي لمبارك وليد الميكانسيا" لم يبد الحماس الكافي لإثارة الثورة. للتذكير توفي المسرحي عبد المالك بوقرموح في حادث مرور ببلدية القصر على و هو في طريقه الى الجزائر العاصمة في شهر نوفمبر 1989. و لا يختلف اثنان على الموهبة و الحرفية التي كان يتميز بهما الفقيد من خودي الذي خلفه الى عمر فطموش مرورا بالمسرحيين محمد فلاق و المرحوم عز الدين مجوبي. فالجميع يشهد له موهبة و تالقا بالإضافة الى الزعامة التي سمحت للمؤسسة أن تواصل مشوارها بالرغم من المشاكل و الصعاب التي واجهتها. و ها هي اليوم تعود كالجوهرة في مصلغها.