القليل من الناس من يستمع لخطبة الجمعة وينتفع من التذكرة التي تلقى على مسامع الناس يوم الجمعة، فلو سألت كثيرا من الناس بعد الجمعة عن موضوع الخطبة لما أجاب أكثرهم جوابا صحيحا، وهذا راجع لعدم الأخذ بآداب الإنصات، وأهم هذه الآداب:أولاً: أن ينصت للخطبة ولا يلغو بالكلام مع غيره أو حتى بالإشارة؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قلت لصاحبك: أنصتْ، يوم الجمعة، والإمام يخطب، فقد لغوت).ثانياً: يتوجّه بوجهه إلى الخطيب؛ فإنه أدعى للاستيعاب والفهم؛ لاشتراك أكثر من حاسّة في الإصغاء. عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استوى على المنبر استقبلناه بوجوهنا.ثالثاً: يجلس المستمع بشكل مناسب فلا يضطجع أو يحتبي أو يمدّ رجليه إلا لعذر، فقد ورد النهي عن الاحتباء يوم الجمعة؛ فعن سهل بن معاذ رضي الله عنهما عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الحبوة يوم الجمعة والإمام يخطب.رابعاً: لا يتلهى عن الخطبة بما حوله؛ كالعبث بالأشياء مثل: الحصى والملابس والأظافر وفرقعة الأصابع؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من توضأ فأحسن الوضوء، ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت، غفر له ما بينه وبين الجمعة، وزيادة ثلاثة أيام، ومن مسَّ الحصى فقد لغا). وأما بعد الخطبة فإنه ينبغي الانتشار في الأرض والابتغاء من فضل الله لتتحول المعاني إلى تطبيق (فَإذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ) [الجمعة: 10] إتماماً للعبودية لله. وأيضا الإكثار من ذكر الله والصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم وتحرّي ساعة الإجابة؛ حتى يبقى المنصرف من الصلاة على صلة بما أفاد من خطبة الجمعة.