معنى الكفاءة في الإسلام المساواة والمماثلة، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: (والمسلمون تتكافأ دماؤهم)، فالكفاءة: هي المساواة والتقارب بين الزوج والزوجة في المستوى الديني والأخلاقي والاجتماعي والمادي، ولا ريب أن تكافؤ الزوجين من الأسباب الأساسية في نجاح الزواج، وعدم التكافؤ يُحدث نوعاً من النُفرة، ويسبب الفسخ والشقاق. والكفاءة تشمل الكفاءة في الدين، وهي معتبرة في النكاح، بل هي شرط في صحته باتفاق أهل العلم، فلا يجوز للمرأة أن تتزوج كافراً بالإجماع، وكذلك لا ينبغي للمسلم أن يُزوج موليته الصالحة من رجل فاسق، فقد قال تعالى: (الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ) (النور: 26) وإن كان هذا لا يُشترط في صحة العقد إلا أنه من الأهمية بمكان، فإن الرجل الذي يدفع بموليته إلى فاسق ويُقدمه على صاحب الدين ويكون الدافع لذلك إما لكثرة ماله وإما لمنصبه، وربما كانوا أصحاب وظائف محرمة ومُعِرضون عن طاعة الله عزَّ وجلَّ ومُضيعون أوامره، فإن هؤلاء الأولياء سيُسألون أمام الله عزَّ وجلَّ عن تضيعهم لبناتهم، فقد روى ابن حبان عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله سائلُ كلَ راعٍ عما استرعاه أحفظ ذلك أم ضيعه؟ حتى يُسأل الرجل عن أهل بيته؟). قال ابن رشد رحمه الله: ولم يختلف المذهب المالكي أن البكر إذا زوجها الأب من شارب الخمر أو من فاسق أنّ لها أنْ تمنع نفسها من النكاح وينظر الحاكم في ذلك فيفرق بينهما، وكذلك إذا زوجها ممن ماله حرام أو ممن هو كثير الحلف بالطلاق. وهناك كفاءات أخرى منها ما هو معتبر ومُعتد به في مذهب من المذاهب الفقهية غير معتبر في مذهب آخر، مثل الكفاءة في النسب، فهي معتبرة عند جمهور العلماء خلافا للإمام مالك، وكذا الكفاءة في المال والحسب، وهي معتبرة عند الحنفية والحنابلة وقول عند الشافعية، وأما الكفاءة في الحرية فهي معتبرة عند الحنفية والحنابلة خلافاً لمالك، والكفاءة في الصنعة والمهنة اعتبرها الحنفية والشافعية والحنابلة، والسلامة من العيوب هي معتبرة عند المالكية والشافعية وابن عقيل من الحنابلة.