قال بعض الحكماء: إن لله عبادًا يستقبلون المصائب بالبِشر، أولئك الذين صفت من الدنيا قلوبهم. وقال وهب بن منبه: وجدت في زبور داود: يقول الله تعالى: يا داود، هل تدري من أسرع الناس ممرًا على الصراط؟ الذين يَرضون بحُكمي وألسنتهم رطبة من ذكري. وقال عبد العزيز بن أبي داود: ثلاثة من كنوز الجنة: كتمان المصيبة، وكتمان المرض، وكتمان الصدقة. وقال بعض السلف: ثلاثة يُمتحن بها عقول الرجال: كثرة المال، والمصيبة، والولاية. وقال عبد الله بن محمد الهروي: من جواهر البِرّ: كتمان المصيبة، حتى يُظن أنك لم تصب قط. وقال عون بن عبد الله: الخير الذي لا شر معه: الشكر مع العافية، والصبر مع المصيبة. وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: الصبر ثلاثة: صبر على المصيبة، وصبر على الطاعة، وصبر عن المعصية، فمن صبر على المصيبة حتى يردها بحسن عزائها، كتب له ثلاثمائة درجة، ومن صبر على الطاعة كتب له ستمائة درجة، ومن صبر عن المعصية، كتب له تسعمائة درجة. وقال ميمون بن مهران: الصبر صبران: فالصبر على المصيبة حَسَن، وأفضل منه الصبر عن المعصية. وقال الجنيد وقد سئل عن الصبر: هو تجرع المرارة من غير تَعَبُس. وقال الفضيل بن عياض في قوله تعالى: (سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) (الرعد: 24): صبروا على ما أُمروا به، وصبروا عما نهوا عنه. فكأنه رحمه الله جعل الصبر عن المعصية داخلاً في قسم المأمور به. وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: وجدنا خير عيشنا بالصبر. أو قال: أفضل عيش أدركناه بالصبر، ولو أن الصبر كان من الرجال كان كريمًا. وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ألا إن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، فإذا قُطع الرأس بار الجسد، ثم رفع صوته فقال: ألا إنه لا إيمان لمن لا صبر له. وقال الحسن البصري: الصبر كنز من كنوز الخير، لا يعطيه الله إلا لعبد كريم عنده. وقال عمر بن عبد العزيز: ما أنعم الله على عبد نعمة، فانتزعها منه، فعاضها مكانها الصبر، إلا كان ما عوضه خيرًا مما انتزعه منه. وكان لبعض العارفين رقعة يُخرجها كل وقت فينظر فيها، وفيها مكتوب: (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا) (الطور : 48).