إن صفوة المؤمنون هم من وصفهم ربهم بأنهم: (الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ ) (المعارج: 23)، ومن علامات قبول الله تعالى لعمل المؤمن أن يستمر في الطاعة بعد الطاعة، فإن المداومة على العمل الصالح شعار المؤمنين بل ومن أحب القربات إلى الله رب العالمين، كما جاء في الحديث الصحيح عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اكْلفوا من العمل ما تطيقون؛ فإن الله لا يمل حتى تملوا، وإن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قلّ).ومن فضائل المداومة على العمل الصالح: أولاً: تكون سبباً لطهارة القلب من النفاق واتصاله بربه. ثانياً: أنها سبب لمحبة الله لعبده، يقول عزَّ وجلَّ في الحديث القدسي الجليل: (وما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحبَّ إليَّ من أداء ما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أحبَّه، فإذا أحببتُه كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني أعطيته، وإن استعاذ بي أعذته). ثالثاً: أنها سبب للنجاة من المصائب والشدائد. رابعاًً: أنها سبب لحسن الخاتمة والفوز بالجنة. يقول الحافظ ابن بن كثير: لقد أجرى الكريم عادتَه بكرمه أن من عاش على شيء مات عليه، ومن مات على شيء بُعِثَ عليه، فلا يزال المؤمن يجاهد نفسه على طاعة الله حتى يختم له بحسن الخاتمة، قال تعالى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (العنكبوت: 69)، وقال سبحانه: (يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) (إبراهيم: 27). خامساً: بشرى من الملائكة عند الموت، يقول تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ ) (فصلت: 30، 32).