إعداد الولد لطلب العلم يبدأ منذ المهد، حيث يُلقّن الطفل شهادة التوحيد ويُعلّم الإجابة على الأسئلة التالية: من ربك، وما دينيك، ومن نبيك، وهذا ظاهر فيما سنّه النبي صلى الله عليه وسلم في حق الولد يوم يولد، فقد ورد في السنة أنه يُستحبّ أن يُؤَذن في أذن الصبي لتكون تلك الكلمات الأولى التي يسمعها متعلقة بمعاني الإسلام وأركانه العظيمة، ثم لا يلبث الصبي أو الصبيّة حتى يُعلّم قصار السور وأركان الإسلام والسيرة النبوية والمناقب وغير ذلك، كما يتعلم ويرى من والديه حب العلم والإنصات إلى أحاديث العلماء المسموعة والمقروءة، وإجلال الكتب وبخاصة الشرعية منها كاحترام وتقديس المصحف الشريف، واحترام أدوات العلم من ورق وأقلام وكتب، ويُحبّب في المدرسة ويُسمح له بزيارتها مع من هو أكبر منه سنا من إخوانه، كما يُوجه من هو أكبر منه من إخوتِه إلى تحاشي ذِكر ما يُنفّر من المدرسة كالتضجر من كثرة الدروس والواجبات وتسلط بعض المدرسين والنهوض مبكراً وغير ذلك. ومع كلّ هذا فإنه ينبغي على المربي أن يتدارك النقص الموجود في المدارس الحديثة بوسائل أخرى، منها إلحاقه بحِلَق التحفيظ في المساجد، أو تعيين معلم خاص له يحفظه القرآن الكريم، وتعويده القراءة في الكتب وسماع الأشرطة المسموعة والمرئية، وتكوين مكتبة علمية تضم ما يناسب سنه وعقله، ويَحسُن أن تكون في غرفة الجلوس لتكون قريبة التناول، ويراعى حسن ترتيبها وجمال كتبها وتنوع موضوعاتها، وكذا الحرص على حضور مجالس العلم من ندوات ومحاضرات وخُطب ومواعظ في المساجد وغيرها من الأماكن التي تُلقى فيها، والأفضل إلحاقه بالمشايخ والعلماء الذين يُدرِّسون في المساجد أو البيوت، وليختر المربي لولده أكملهم علماً وخلقاً وليتأكد من مناسبة الدروس لولده، وكذا المعلم الذي يهتم بالتلاميذ من جهة المادة العلمية وأوقاتها وأوقات الاستراحة والذي لا يَحرم من يتعلّم عنده من حقه في الاستراحة والفُرجة التي تُعين على استيعاب العلم.