أصبحت البنوك الإسلامية أمرًا واقعًا في الحياة المصرفية والدولية بعد أن شقت طريقها بصعوبة في بيئات مصرفية، بعيدة في أسسها وقواعدها وآليات العمل فيها عن روح الشريعة الإسلامية حيث أثبتت التقارير أن الأسواق المالية التي يعمل فيها قطاع ضخم من التمويل الإسلامي، تتعافي في شكل أسرع من سواها بعد أن سجلت نمواً بلغ 5 % مقارنة بالمتوسط العالمي البالغ 3.5 % وذلك وفقا لتقرير صدر عن المؤتمر العالمي للمصارف الإسلامية لعام 2010 - 2011 الذي عقد دورته ال 17 في البحرين في اليومين الماضيين تحت عنوان "في إطار البحث عن فرص جديدة". الهام/س وأفاد التقرير الذي صدر بالتعاون مع شركة الاستشارات الإدارية العالمية "مكنزي آند كومباني"، أن ربح المصارف الإسلامية في هذه الأسواق شهد بعض التراجع "على رغم أن أصول المصارف الإسلامية شهدت نمواً متوسطه 12% بين عامي 2008 و2009". وأشار إلى أن المصارف الإسلامية في حاجة إلى تحسين الأداء التشغيلي بدرجة كبيرة والبحث عن مصادر النمو الجديدة من أجل تلبية توقعات الأسواق. وتمكن قطاع التمويل الإسلامي في دول مجلس التعاون الخليجي كما في أسواق التمويل الإسلامي المهمة مثل ماليزيا، من التعافي بصورة قوية حيث يرجع ذلك جزئياً، إلى الدعم الحكومي القوي نسبياً. وهناك إجماع واسع حول استدامة التعافي في دول مجلس التعاون الخليجي التي تضم البحرين والكويت وعمان وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. في الوقت نفسه لا يستبعد التقرير حصول تراجع في المشهد العام نظراً إلى هشاشة أوضاع التعافي عالمياً والعلاقات التبادلية بين الأسواق. وفي حين انخفض نمو أصول المصارف الإسلامية في عام 2009 إلى 15 % مقارنة بالسنوات السابقة، لا يزال القطاع ينمو بدرجة أسرع كثيراً من حصة أصول المصارف التي راوحت مكانها، بينما انخفض الناتج المحلي الإجمالي الاسمي بنسبة 10 %، ونتيجةً لذلك استمرت حصة أصول المصارف الإسلامية إلى إجمالي أصول المصارف، في الارتفاع. وأوضح التقرير أن الوضع فيما يتعلق بربحية المصارف الإسلامية لم يكن مشابهاً فبينما انخفضت ربحيتها جميعاً، كان الانخفاض أكثر حدة في المصارف الإسلامية ويرجع ذلك بخاصة وبدرجة كبيرة، إلى ارتفاع المخصصات وانخفاض عوائد الاستثمار. كما تراجعت ربحيتها في بعض الأسواق الرئيسة للمرة الأولى، إلى معدلات أقل من المصارف التقليدية إذ لم تتمكن المصارف من التحكم في الأسعار بالشكل الكافي كما لم تتمكن من التوصل إلى تمويل منخفض الكلفة لتغطية نفقاتها المرتفعة. ودعا التقرير المصارف الإسلامية لتحسين أدائها التشغيلي من أجل تلبية التوقعات الحالية للسوق والإفادة من المصارف التقليدية والسعي نحو مصادر جديدة للنمو، علماً أن معظمها يتأخر عن مسار المصارف التقليدية فيما يتعلق بالقروض المتعثرة، وشطب الاستثمارات، وتكاليف التشغيل. وأضاف أنه من خلال رصد التحسينات التشغيلية فقط ومن دون احتساب أي نمو إضافي، نجد أن هناك 15 بليون دولار من الأرباح الصافية الإضافية لدى المصارف الإسلامية، ويمكن تحقيق مزيد منها من خلال فرص النمو في شرائح السوق أو المنتجات المطروحة بدرجة محدودة لدى المصارف الإسلامية، من ضمنها الخدمات المصرفية للأثرياء، والخدمات المصرفية بالجملة والدخول إلى الأسواق الناشئة. وذكر التقرير أن أصول المصارف الإسلامية نمت بمعدل 12 % على مستوى العالم بين عامي 2008 و 2009، وحققت الدول الرئيسة التي تحظى المصارف الإسلامية بحصة كبيرة فيها نمواً في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5.2 %، وحققت دول مجلس التعاون الخليجي نسبة 5.7 % هذا العام متجاوزةً أداء بقية العالم بنسبة 3.7 %. وأضاف التقرير إلى أنه بين عامي 2003 و2009 بلغت معدلات النمو السنوي المركب لأصول المصارف الإسلامية في قطر 50 % وفي الكويت 23 %، وفي الإمارات العربية المتحدة 38%، وفي ماليزيا 23%، وفي إندونيسيا 43 %، وفي تركيا 42 % إلا أنه على الرغم من ذلك تراجعت الربحية في كل أسواق التمويل الإسلامي الرئيسة بين عامي 2008 و2009، حيث انخفضت بنسبة 49.8 % في الإمارات العربية المتحدة، و16.2 % في المملكة العربية السعودية، و88.9 % في الكويت، و39.7 % في قطر، و33.3 % في ماليزيا، و73.3 % في إندونيسيا. وأشار التقرير إلى أن أحد السيناريوهات المحتملة للقطاع يظهر أن المصارف الإسلامية يمكنها مضاعفة أرباحها خلال الأعوام الخمسة المقبلة من خلال إدخال التحسينات التشغيلية والسعي نحو فرص جديدة للنمو، وعليها أن تستكشف الفرص في مجال شرائح السوق أو المنتجات المطروحة بدرجة محدودة بما فيها الخدمات المصرفية للأثرياء، والخدمات المصرفية بالجملة، كما يمكنها استكشاف فرص التوسع عالمياً ما يسمح لها بزيادة نطاق تنوع قواعد الأصول.