أجمع المشاركون في الملتقى الوطني الرابع حول الطاقة التي احتضنته جامعة أمحمد بوقرة بولاية بومرداس بمناسبة إحياء الذكرى المزدوجة لتأميم المحروقات وتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين، أن قرار التأميم الذي اتخذه الرئيس الراحل هواري بومدين كان بمثابة المنعرج الحاسم في مسار الجزائر الاقتصادي والسياسي، حيث مكن الجزائر حسب المتدخلين من تجسيد استقلالها التام بعد أن وضعت يدها على قطاع المحروقات على الرغم من الصعوبات والعراقيل التي حاولت فرضها بعض الشركات الاستعمارية للحفاظ على مكاسبها في الجزائر. استعرض الأستاذ والباحث المختص في البترول رابح رغيس في مداخلة له بعنوان"هل تحققت الأهداف العامة من عملية تأميم المحروقات..؟ أهم المراحل والأحداث التاريخية التي مهدت لعملية التأميم المتخذة من طرف الرئيس الراحل هواري بومدين سنة 1971 محاولا وضع القرار في مساره التاريخي الذي ميز تلك الفترة، وقد أكد المتدخل أن تأميم المحروقات بالجزائر أملته عدة ظروف سياسية واقتصادية حتمت على الجزائر اتخاذ هذا القرار السيادي لوضع يدها على الاقتصاد الوطني وركيزته الأساسية وهو قطاع النفط والمحروقات، ففي المجال الاقتصادي يقول الأستاذ رغيس عانت الجزائر كثيرا من الضغوطات الفرنسية عن طريق شركاتها البترولية التي كان لها الأفضلية في استغلال حقول النفط انطلاقا من قانون منطقة الساحل بعيدا عن منظمة الاوبيك مثلما قال، وهو ما جعل الجزائر تعتبر ذلك نقصا في سيادتها الوطنية بعد حوالي عشر سنوات من الاستقلال، في حين شكلت الظروف السياسية التي سبقت القرار بالخصوص منها بنود اتفاقيات ايفيان التي قدمت عدة شروط لتأميم القطاع مستقبلا ورياح التحرر التي هبت على بلدان العالم الثالث أهم دافع مهد للقرار فيما بعد، مستدلا بذلك بقرار تأميم المحروقات الذي اتخذته المكسيك سنة 1938، ثم قرار ايران سنة 1951، وبالتالي شكلت كل هذه الظروف يقول الباحث مناسبة لاتخاذ قرارات سيادية في تاريخ الجزائر، كما تساءل الباحث في سياق أخر عن نتائج عملية تأميم المحروقات وماذا قدمته من مكاسب للجزائر المستقلة التي اعتمدت كما قال في صادراتها الخارجية على البترول بنسبة 98 بالمائة، وصلت بحسب الإحصائيات إلى 800 مليار دولار منذ سنة 1971، وهو مدخول هام كان بإمكانه المساهمة في تطوير وبعث التنمية الشاملة بالبلاد على حد قوله.